شاركت جامعة اليرموك من خلال عميد كلية الآداب – الأمين العام لجمعية كليات الآداب في الوطن العربي الدكتور موسى الربابعة، في مؤتمر "اللغة العربية والعالمية" الذي نظمته على مدار اليوميين الماضيين جامعة الجنان اللبنانية، عبر تقنية الإتصال المرئي عن بعد.
وقال الربابعة في كلمته إن الحديث عن اللغة العربية والعالمية يتخذ أبعاداً متعددة، وخاصة أن المنظورات والمنطلقات التي ينبغي التأسيس عليها تكمن أسرارها في جوهر اللغة وخصوصيتها، مبينا أن اللغة ماهية وكينونة وعوالم ممتدة.
وأضاف أنه في هذا الإطار تعد اللغة فاعلية إنسانية، لكنها فاعلية تتسيد الإنسان، الذي لا يستطيع أن يدرك كنه العالم إلا عن طريق اللغة، مشيرا إلى إن التفكير يرتبط ارتباطاً جوهرياً بالوعي اللغوي، فاللغة هي التي تجعل الإنسان كائناً يعبر عن نفسه.
وأكد الربابعة أن اللغة العربية استطاعت عبر تاريخها الطويل أن تساهم في إنتاج المعرفة فكانت لغة العلوم، كما كانت لغة الأدب والمشاعر، وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالعقيدة الإسلامية التي حافظت عليها، وحققت الاستمرار والتواصل من خلالها، ولا يمكن إغفال المساهمات الكبيرة التي قدمتها اللغة العربية للبشرية في رحلتها الطويلة.
وأشار إلى أنه إذا ما كان الإنسان العربي قادراً على المحافظة على لغته، فعليه أن يتجاوز النظرية الرومانسية والعاطفية للغة، ويلتفت إلى مبادرات ومساهمات ترفع من جوهر اللغة ويضعها على خارطة لغات العالم ويحافظ عليها لأنها تمثل الهوية والانتماء، فاللغة هوية قبل أي شي آخر، فالحرص على الهوية يعني الحرص على اللغة.
وشدد الربابعة على أنه ليس المهم الاحتفال بيوم اللغة العربية الذي يصادف الثامن عشر من شهر كانون الأول في كل عام، بقدر ما هو المحافظة على اللغة وبقائها، مبينا أنه ثمة محاولات سعت إلى تهميش اللغة العربية، وما تهميشها إلا تهميش للإنسان العربي هوية وانتماء.
وتابع : لقد عني العرب بالترجمة وصارت الترجمة وسيلة من وسائل التواصل والتفاهم بين الحضارات والثقافات، وحققت اللغة العربية إنجازات مهمة، عندما كان أهلها أقوياء استطاعوا أن يحققوا إسهامات تاريخية اعترف بها الغربيون بشكل لافت في كتاباتهم.
ولفت الربابعة إلى أن اللغة العربية في الوقت الحاضر تتعرض إلى مزاحمة اللغات الأخرى لها وخاصة في عصر تطورت فيه وسائل التواصل الاجتماعي، وتصدرت التكنولوجيا الوجود الإنساني، ولذلك لا بد من إعادة النظر في أهمية وضع اللغة العربية في عصر الرقمنة، مما يدعو إلى تعزيز المحتوى العربي، وإنشاء محركات بحث تهتم باللغة العربية، فعندما يكون المحتوى العربي لا يتجاوز 1 % من محتوى ما هو موجود على محركات البحث، فإن ذلك يعني أن الإفادة من وسائل التكنولوجيا لا يزال دون الطموح.
وأكد أن العالمية التي تنشدها اللغة العربية، تحتاج إلى جهود مشتركة تنهض بها الحكومات والمؤسسات ذات العلاقة، لأن الجهد الفردي لا يكفي، فاللغة العربية تزاحمها لغات أخرى، استطاعت أن تثبت هويتها، فصراع الهويات المتوترة يعتمد على مقولات العولمة التي أدت إلى تشكيل ثناية المركز والهامش، مما أفضى إلى ما سماه أمين معلوف بالهويات القاتلة.
يذكر أن هذا المؤتمر حظي بمشاركة العديد من الأكاديميين والباحثيين من مختلف البلدان العربية والأوروبية، حيث ناقشوا خلال جلساته مختلف القضايا التي تهم وتخص اللغة العربية.