استضافت مكتبة الحسين بن طلال اللقاء الرابع عشر من لقاءات "نادي الكتاب" الذي تشرف عليه المكتبة، بالتنسيق مع مديرية ثقافة إربد، ويديره الروائي هاشم غرايبة.
وخُصص اللقاء الذي عقد عبر تقنية الإتصال المرئي عن بعد، لمناقشة رواية "راكين" للأديبة الدكتورة نهال عقيل. واستضاف اللقاء الأديب مهدي نصير، وشارك فيه الأستاذ الدكتور نبيل حدَّاد شاغل كرسي عرار بجامعة اليرموك، ومجموعة من الأديبات والأدباء، بالإضافة إلى أعضاء من نادي الكتاب وطلبة من مختلف كليات الجامعة، كما عُقد اللقاء بحضور مؤلفة الرواية المقيمة بالسعودية، وبحضور الدكتور عمر الغول، مدير المكتبة.
واستعرض مهدي نصير أحداث الرواية، ورأى أن الكاتبة نقلت من خلال شخوصها الواقعية تناقضات المجتمع، وأنها عكست في روايتها كثيرًا من المصاعب، والتحديات، والغضب، والقهر الذي يواجه المجتمع بسبب انسداد آفاق تطوره، كما تجلى في انتحار "قاسم"، ابن بطل الرواية، وموت أمه التي جُنَّت لانتحاره. ونبَّه إلى أن أسماء الشخوص في الرواية مستقاة من التراث العربي الإسلامي، ما يدل على ارتباط الحاضر بالماضي عند الكاتبة.
وقال إن الرواية تضمَّنت سردًا شعريًا، عندما تعلَّق الحديث بشخصية "عائشة"، وهي المرأة كانت حلُم بها بطل الرواية ولم تتجسَّد، والتي شكَّل الجدل بينها وبين "خديجة" زوجة البطل أحد محركات الرواية. ولفت نصير النظر إلى أوجه الشبه بين رواية "راكين" ورواية "دفاتر الورَّاق" لجلال برجس في الشخوص والمساحات، وكذلك رواية كفى الزعبي الأخيرة التي تدل أحداثها على أزمة مجتمعنا وهويتنا.
وقال الناقد هشام مقدادي إن الرواية قامت على سرد ذاكراتي عشوائي، غير أن الذاكرة في الرواية ليست ذاكرة فرد، وإنما ذاكرة جمعيَّة للوطن، كثيرة الرموز؛ "فخديجة" تمثل الماضي والتراث ومرجعياتهما، وكان مآلها الموت.
أما "عائشة" فتمثل الحلم، وهي تلتقي في جوانب عدة مع شخصية "عائشة" في رواية "أنت منذ اليوم" لتيسير السبول. ويمثل "قاسم" الحلمَ والمستقبل، أخوتُه ماتوا جميعًا، أما هو فعاش ليصبحَ مستقبل شخوص الرواية كلهم، لكنَّه ينتحر، ويكشف انتحاره عن رؤية المؤلفة للمستقبل.
وأخيرًا يعيش "محمد" بطل الرواية بين "خديجة" (الماضي) و"قاسم" (المستقبل) الذي انتحر، لتكشف الروائية بذلك عن الحاضر المأزوم الذي عاشه بطل الرواية.
ونوَّه الأديب أحمد الغمَّاز بقدرة الروائية على خلق شخوص ناضجة وحيَّة، وعلى قدرتها على تجسيد مشاهد الرواية.
وقال يوسف الردايدة إن بناء الرواية تراوح بين التركيبية والتفكيكية، حتى كادت الرواية تفلت من الكاتبة، وهو ما أدى إلى تسارع الأحداث في قسمها الأخير.
وبعد أن غاب قاسم كثيرًا عن أحداث الرواية، انتحر فجأة، على نحو لم يقنع القارئ. ووصف لغة الرواية بأنها جميلة، ووافقته في ذلك الطالبة رناد أبو زيتون، التي قالت إن "عائشة" تمثل في الرواية المستقبل الذي نخشى أن لا يتحقق، في حين مثلت "خديجة" الواقع الذي لا نريد التخلي عنه.
وكان آخر المتحدثين الأستاذ الدكتور نبيل حدَّاد، فذكر أن الرواية لم تقم على مركزية الحدث، وإنما استعاضت الكتابة عنه بمركزية الوعي، أو ما يسمى بلغة النقد اليوم "الحساسية الجديدة".
وأكَّد حدَّاد على أن العمل الروائي ليس قصًّا للأحداث، وإنما هو عالم حميمي من الحواس، مبينا أن شخوص الرواية جاءت مأطرة، اتخذتها الكاتبة أحيانًا مطية لأفكارها، كما لحظ أن الإفضاء عن كل ما هو موجود في الواقع هيمن على الرواية، في حين ينبغي أن تكون مهمةُ الإفضاء الرئيسة في الرواية دفعَ أحداثها إلى الأمام، لا أن تكون إفضاءات شخصية.
وعلَّق الروائي هاشم غرايبة على ملاحظات المشاركات والمشاركين بقوله إن الكاتب يكتب، ولا يلتفت خلفه، بل يمضي في الكتابة، دون أن يدخل بالضرورة في حوار مع الأحكام النقدية المطلقة على أعماله.
يذكر أن مشرفة النشاط الثقافي في المكتبة سوزان ردايدة هي من تولت ادارة اللقاء، فيما داره فنيًا رئيس قسم الدعم الفني سامي أبو دربية، و عبد القادر عوَّاد من ذات القسم.