استضافت كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة اليرموك أمين عام منتدى الفكر العربي، وزير المالية الأسبق الدكتور محمد أبو حمور في جلسة نقاشية حول "الدين العام في الأردن"، بحضور عميد الكلية الدكتور محمد الروابدة.
واستعرض أبو حمور في بداية حديثه نشأة الاقتصاد الأردني، مشيرا إلى أن الأردن بلد نشأ بموارد محدودة واقتصاد صغير، حيث أطلقت الحكومة الأردنية بعد الاستقلال خططا تنموية طموحة تحتاج إلى تمويل كبير مما حتم عليها اللجوء إلى الاقتراض الخارجي الذي كان يمتاز حينها بشروطه الميسرة وفائدته القليلة وطول مدته، بالإضافة إلى اعتماد الأردن بعد الاستقلال كذلك على المساعدات والمنح من بريطانيا، وأمريكا، والدول العربية الشقيقة التي تعهدت خلال مؤتمر القمة العربية في بغداد عام 1978 بمساعدات للحكومة الأردنية قيمتها مليار وربع لمدة عشر سنوات (1978-1988) بما مجموعه 12.5 مليار دولار.
وأضاف أنه ومع بروز قضية المديونية العالمية رفعت الدول الدائنة أسعار الفائدة وخفضت مدة سداد الدين مما اقتضى سداد القروض مبكرا وفي الوقت ذاته استمرار الحكومة بخططها التنموية عالية الوتيرة، أدى إلى أن يكون عام 1988 عاما صعبا على الأردن عانى فيه من عدم وصول المساعدات من الدول الشقيقة، وعدم توافر العملة الأجنبية وفقدان الدينار الأردني لنصف قيمته تقريبا، موضحا أن اجتماع الظروف السابقة حتم على الحكومة الأردنية الاستعانة بصندوق النقد الدولي الذي كان اقتراحه بتعديل سعر الصرف، ورفع الضرائب، وتخفيض حجم الحكومة، لافتا إلى أن الحكومة تمثل 45% من حجم الاقتصاد الأردني وهو رقم كبير جدا مقارنة بحجمه، حيث اتبعت الحكومة انذاك ستة برامج تصحيح اقتصادي من عام 1989-2004،
وأوضح أبو حمور أن عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي عام 2004 كان 2.7% وأن المديونية انخفضت إلى أقل من 80%، كما كانت الاحتياطات الأجنبية في البنك المركزي 3.5 مليار وتكفي ل تسعة أشهر مستوردات وهو وضع آمن جدا آنذاك، مضيفا أنه تم عقد اتفاقيات جدولة للعديد من الديون الخارجية.
وفيما يتعلق بوضع الأردن الاقتصادي بعد عام 2004 أشار أبو حمور إلى حدوث توسع في الإنفاق أدى إلى زيادة العجز في الموزانة من 2.27 مليون عام 2004، إلى مليار ونصف عام 2009، مما حتم على الحكومة اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير لتخفيض هذا العجز حيث قامت الحكومة بتخفيض ضريبة الدخل، وإلغاء 11 قانون ضريبي، وتخفيض رسوم نقل الملكية إلى 5%، بالإضافة إلى تقييد الأوامر التغيرية المتعلقة بالعطاءات الحكومية مما ينعكس ضبط النفقات.
وقال إن المديونية هي مرآة العجز، حيث أضاف أنه في عام 2010 انخفض العجز من مليار و 509 مليون إلى مليار و 46 مليون، وفي عام 2011 تم تخفيض العجز 445 مليون، لكن بعد ذلك ومع تغير الحكومات تفاقمت مشكلة العجز مرة أخرى حيث ارتفعت المديونية من 11.5 مليار عام 2010 إلى 33 مليار في الوقت الحالي.
وأوضح أبو حمور أنه من أسباب زيادة المديونية أن بعض وزراء المالية يحددون النفقات وقيمة المساعدات وقيمة العجز في الموازنة دون الالتفات إلى الايرادات بالشكل الصحيح، فضلا عن مشكلة الرقابة على الايرادات وقيمتها، وأن 65% من فاتورة الإنفاق تدفع على الرواتب، و 400 مليون فوائد الدين فقط، وعدم استغلال أموال الخصخصة في مكانها ومسارها الصحيح.
وشدد أبو حمور على ضرورة اعطاء فرصة حقيقية للقطاع الخاص لاثبات نفسه وإشراكه شراكة حقيقه في العملية التنموية فالحكومة بالأساس دورها تنظيمي رقابي، وتقليل عدد المؤسسات والهيئات المستقلة، وتخفيض حجم الحكومة، وحجم النفقات هي من الأمور الهامة الواجب اتباعها لضبط الزيادة في العجز والمديونية، موضحا أن الأردن تتوافر قيه عناصر الانتاج كافة من الأرض، ورأس المال البشري، ورأس المال المادي، إلى أن هناك مشكلة واضحة في عنصر الإدارة والتي يجب معالجتها لتتمكن الأردن من تحقيق الاصلاح الاقتصادي المنشود.
وفي نهاية الجلسة التي أدارها نائب عميد الكلية الدكتور محمود الهيلات، وحضرها عدد من أعضاء الهيئة التدريسية في الكلية أجاب أبو حمور عن أسئلة واستفسارات الحضور حول موضوعات الخصخصة، والإدارة الاقتصادية، والحلول الواجب اتباعها لضبط عملية تزايد العجز والمديونية.