أ.د. زيـــدان كــفـافي
رئيس جامعة اليرموك
صادفت اليوم الذكرى التاسعة والستون لاستشهاد مؤسس المملكة جلالة المغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين الذي لاقى وجه ربه راضيا مرضيا وروى بدمائه ثرى الأقصى الشريف بعد مسيرة حافلة بالعطاء والتضحيات الجسام في سبيل نهضة العرب والمسلمين ورد العاديات عنهم والتصدي بحزم وإصرار للاحتلال والظلم والطغيان.
في ذكرى إستشهاد الملك المؤسس يقف القارئ على جملة من المحطات والحقائق المفصلية في تاريخ الأمة العربية والإسلامية، فيدرك معها حجم الدور الذي قام به في ظروف إستثنائية، فاستطاع أن يؤسّس دولة حملت حلم الثورة وحافظت على مبادئها في الحرية والعدالة والمساواة، وجابهت التحديات الصعبة، وحققت المكتسبات والمنجزات الكبيرة ، إذ لم تكد تمر السنوات الأولى حتى بدأت الإمارة الناشئة تحتلّ موقعها الإقليمي والدولي المؤثر، لتكن بالفعل موئلاً للمشروع النهضوي العربي، ومقصدا لأحرار الأمة و ساستها ومثقفيها.
لقد كان للمملكة الأردنية الهاشمية في عهد الملك المؤسس مواقف ثابتة إذ شهدت تلك الفترة مشاركة الأردنيين في جميع الثورات التي قامت على أرض فلسطين وسجل الجيش العربي الأردني أروع الأمثلة في الدفاع عن القدس العربية والضفة الغربية في أثناء الحرب العربية الإسرائيلية ويقول رحمه الله " شهد الله إنني لم أدخر وسعاً في تنبيه رجال العرب وممثّلي حكوماتهم إلى ما فيه النفع العام والمصلحة الوطنية وخير فلسطين بالذات، ولكن الآذان كان بها وقر، وتوالت الخسائر والأضرار على فلسطين وأهلها".
في ذكرى إستشهاد الملك المؤسس نستذكر نطاق الطموح القومي الذي عمل به فجسد أمل الأمة في الوحدة والتضامن والعمل العربي المشترك باعتباره السبيل الوحيد لدرء المخاطر التي تحيط بالأمة وفي مقدمتها الخطر الصهيوني التوسعي على حساب أمة العرب والمسلمين.
في ذكرى شهيد الاقصى يستحضر الأردنيون وأشراف العرب والأمة، ما قدمه قادة بني هاشم الذين لحقوا بعبد الله الأول، طلال بن عبد الله ، فالحسين بن طلال الذين واصلوا الجهاد والعمل في سبيل نصرة فلسطين التي كانت وما زالت القضية الأولى بالنسبة لكل أردني وأردنية فوق هذا الحمى العربي الهاشمي.
بعد مرور تسعة وستين عاماً على إستشهاد مؤسس المملكة، وفي عهد الملك المعزز جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، يجدد الأردنيون شحذ الهمم، وتعزيز الإرادة، في مسيرة الوطن، التي تحتاج إلى سواعد الجميع ، باعتبار أن المستقبل المنشود نحو "الأردن الحديث" تصنعه الإرادة والحرية والمواطن المنتمي لقيادته ووطنه.
هذه الذكرى وفي هذا الوقت الهام من حياة وتاريخ بلدنا، مدعاة لأن يعيد الأردنيون قراءة الصفحات الخالدة لوطنهم وشعبهم وقيادتهم في كتاب التاريخ الذي سطروه بدمائهم وتضحياتهم ودموعهم وما اجترحوه من أعمال عظيمة وما أنجزوه على مدى الأيام والسنين في مسيرة ستتواصل إنجازاتها وبلوغ أهدافها التي يبذل جلالة الملك كل جهوده المتواصلة ليلاً ونهاراً من أجل تحقيقها.