رعى رئيس جامعة اليرموك الدكتور زيدان كفافي، ورئيس الجامعة الأردنية الدكتور عبدالكريم القضاة افتتاح فعاليات مؤتمر "الدراسات العربية في الغرب"، الذي نظمته الجمعيّة العلميّة لكلّيّات الآداب في الجامعات الأعضاء في اتّحاد الجامعات العربيّة، بحضور الأمين العام لاتّحاد الجامعات العربيّة الدكتور عمرو عزّت سلامة، ويستمر يومين، حيث ستستضيف الجامعة الأردنية فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر.
ورحب كفافي في كلمته التي ألقاها خلال الافتتاح بالمشاركين في فعاليات المؤتمر في جامعة اليرموك التي تزدهي اليوم بأبهى حُللها، وهي تحتضن وقائع المؤتمر الدوليّ الأوّل للجمعيّة العلميّة لكلّيّات الآداب في الجامعات الأعضاء في اتّحاد الجامعات العربيّة، مشيرا إلى فخر اليرموك بأن تكون مقرّاً لتلك الجمعيّة، وحاضنةً لإنجازاتها، وشاهدةً على نجاحاتها منذ إعلان تأسيسها وإقرار النظام الأساسيّ لها عام 2001م.
وأشار إلى أن هذا المؤتمر يُعدّ جسراً للتواصل بين الدارسين والباحثين في الدول الشقيقة والصديقة، ومَعلماً ثقافيّاً وفكريّاً يغني مسيرة البحث العلميّ بأوراقٍ بحثيّةٍ رصينةٍ، وبتوصياتٍ علميّةٍ مَكينة، لاسيما وأنه يحمل عنواناً مهمّاً "الدراسات العربيّة في الغرب" ويتناول أربعة محاور هي: الدراسات الأدبيّة واللغويّة في الغرب، والدراسات الإسلاميّة في الغرب، والدراسات التاريخيّة والحضاريّة في الغرب، والدراسات الاجتماعيّة والإنسانيّة في الغرب.
ولفت كفافي إلى أنّ الغرب انكبَّ في العصر الحديث على دراسة التراث العربيّ والإسلاميّ، حيث قام المستشرقون بجمع المخطوطات العربيّة والإسلاميّة وفهرستها، وحقّقوا الكثير منها، ونشروها نشراً علميّاً خالصاً، وترجموا كمّاً كبيراً من هذا التراث إلى اللغات العالميّة، الأمر الذي يدلّ على عمق التواصل الحضاريّ بين الشرق والغرب، ولكنّه يستدعي دراسةً ومراجعةً وتقييماً، لافتا إلى ان هذا ما يُنتظرُ أن تنهض به الأوراق المشاركة في المؤتمر على اختلافها وتنوّعها.
وثمن الجهود الخيرة التي بذلها الأمين العام لاتّحاد الجامعات العربيّة الدكتور عمرو عزّت سلامة، في تعزيز التعاون بين الجامعات العربيّة والعالميّة، وتجويد التعليم في العالم العربيّ، والارتقاء بمستوى مؤسّسات التعليم العالي، مشيدا بإسهاماته في دعم جهود الجامعات العربيّة وتنسيقها لإعداد الإنسان القادر على خدمة أمّته العربيّة، والحفاظ على وَحدتها الثقافيّة والحضاريّة، وتنمية مواردها البشريّة، كما شكر الجمعيّة العلميّة لكلّيّات الآداب، ممثَّلةً بالأمين العامّ لها الدكتور محمّد بني دومي، وللجنة التحضيريّة للمؤتمر التي بذلت جهوداً كبيرةً في الإعداد والتنظيم والتنسيق لإنجاح هذه التظاهرة العلميّة القيّمة.
وأشاد كفافي بالشراكة الفاعلة والتعاون المثمر بين جامعة اليرموك والجامعة الأردنيّة في تنظيم هذا المؤتمر القيّم، مثمنا حرص إدارة الجامعة الأردنية ممثلة برئيسها الدكتور عبدالكريم القضاة على إدامة أوجه التعاون بين الجامعتين على طريق تحقيق الريادة والتميّز في مجالات التعليم والبحث العلميّ وخدمة المجتمع لكلتا الجامعتين.
من جانبه قال القضاة إن عقد هذا المؤتمر جاء بهدف ابراز مكانة اللغة العربية والوقوف على دورها الحضاري، وتسليط الضوء على الدراسات الادبية واللغوية والإسلامية والتأريخية والاجتماعية والإنسانية في الغرب، وذلك بغية تغيير الصورة النمطية التي رسمها كثير من المستشرقين عن الشرق من جهة، وبيان معالم الهوية العربية التي يسعى الآخر إلى طمسها محو أثرها من جهة أخرى.
واكد حرص جامعتا الاردنية واليرموك، على تحقيق جملة من الاهداف من خلال استضافة فعاليات هذا المؤتمر والمتمثلة في إماطة اللثام عن دور الاسلام والحضارة العربية والتأريخ العربي في المنتج الفكري الانساني، والحؤول دون ترسيخ النظرة السلبية القائمة على ضعف المؤلفات العربية منهجيا وخلوها من اي أثر فكري تحرري، لافتا إلى أننا نعيش حقبة زمنية اختلطت أحوالها وانقلبت موازينها مما أثر سلبا على واقعنا السياسي والاجتماعي والفكري والثقافي، حتى طال الأمر لغتنا وحضارتنا وهويتنا مما يحتم على أبناء اللغة العربية إنصافها والدفاع عن حياضها.
ولفت القضاة إلى أن عصر الاتصالات والمعلومات والمعرفة والحكمة والترفيه الذي نعيشه يضع امامنا الكثير من التحديات، ويفتح أمامنا آفاقا واسعة، مشيرا إلى ان العالم اليوم يقف على أعتاب الثورة الصناعية الرابعة حيث لا يمكن لأحد أن يتجاهل ما يحدث في عالمنا اليوم من تحولات وتغيرات تستند إلى التكنولوجيا الرقمية، فأصبحنا امام مصفوفة من الابتكارات والمنجزات العلمية التي تضعنا أما تحديات كبرى إذا ما أردنا اللحاق بركب العلم والحضارة.
واشار الى دور الجامعة الاردنية في إثراء البحث العلمي من خلال عقد المؤتمرات العلمية المتخصصة، ودعم الحركة الفكرية، فضلا عن دور كلية الاداب فيها في بناء جسور التواصل مع الجامعات الأخرى على المستويين المحلي والاقليمي، مما فتح أفقا رحبا يمكن الباحثين من ولوجه ويهيئ لهم فرصة الإفادة في مناح علمية وثقافية عدة.
وفي كلمته التي ألقاها خلال الافتتاح أكد الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الدكتور عمرو سلامة إن هذه الفعالية العلمية متوافقة مع رؤية اتحاد الجامعات العربية في تنمية المجتمع العربي وتعزيز الدور العربي بين دول العالم على المستوى الاقليمي والدولي، مشددا على ان نقل حضارتنا العربية ونتاجها الفكري وأصالتنا الثقافية والدينية إلى العالم، وبيان وجهها الحقيقي، مسؤولية كبيرة تلقى على عاتقنا أفرادا ومؤسسات، لافتا إلى أن التاريخ والجغرافيا والفكر هي عناصر تشكيل ثقافة الأمة وحضارتها مما يعني أن الدراسات العربية والإسلامية التي يعتمدها الغرب في جامعاته ومؤسساته الأكاديمية تمثل تحديا جديدا ومسؤولية أخرى لنا نحن العرب في تحري هذه الدراسات وبيان دقتها وسلامتها من الشخصنة أو التشويه وبيعيدا عن التأويل الانطباعي لا المنهجي لكي لا تتسع الفجوة بين شعوب العالم.
وأضاف سلامة أن الدراسات العربية المعتمدة في الغرب قد تكون أحد الأسباب في تشكيل الصورة النمطية السلبية عن العرب وذلك بسبب المنهجية التي اتبعتها تلك الردسات أو الانتقائية التي يعامل بها بعض المؤلفين سواء الغربيين أو العرب، مؤكدا أن المسؤولية تبقى لنا نحن العرب في وضع مناهج ودراسات تليق بتاريخ هذه الأمة وعراقتها وأصالتها.
وقال إن اتحاد الجامعات العربية وانطلاقا من رؤيته في تطوير التعليم العالي والبحث العلمي والمساهمة الفاعلة في مواجهة التحديات الاقليمية والعالمية لتحقيق مستقبل مزدهر للمنطقة العربية، أولى مهام إعداد الخريجين الذين يتقنون المعارف والكفاءات الضرورية لتقوية وخدمة المجتمعات الوطنية والاقليمية، والاندماج دوليا لمواجهة التحديات المشتركة وانتاج المعارف والبحوث النافعة، وتحسين السياسات والخدمات ذات الصلة بالجامعات والتعليم العالي.
بدوره ألقى عميد كلية الآداب باليرموك، بالأمين العامّ للجمعية العلمية لكليات الآداب في الوطن العربي الدكتور محمّد بني دومي كلمة قال فيها إن الجمعية التي تعد إحدى مؤسسات اتحاد الجامعات العربية، تسعى بهمة لا تلين وبعزم لا ينقطع إلى مد جسور التعاون بين كليات الآداب في الجامعات العربية، لافتا إلى مؤتمر اليوم سيتيح للمشاركين فرصة ثمينة لتبادل ومناقشة الأفكار والآراء للوقوف على ملامح الدراسات العربية في الغرب بأبعادها المختلفة، وذلك تحقيقاً لأهداف الجمعية التي أخذت على عاتقها مسؤولية خدمة أمتنا العربية، حيث يأتي هذا المؤتمر ليسلط مزيداً من الأضواء ويطرح أفكاراً وتصورات وآليات واستراتيجيات لتسهم بمجموعها في تحقيق أهداف الجمعية، داعيا نخبة العلماء والأكاديميّين من الأقطار العربية الشقيقة ومن الدول الصديقة المشاركين في فعاليات المؤتمر الخروج بتوصيات من شأنها أن تسهم في تطوير عمل الجمعية وتحسين أداء كليات الآداب في الوطن العربي.
وأشار بني دومي إلى أن الجمعية العلمية لكليات الآداب في الوطن العربي تصدر مجلة نصف سنوية محكّمة هي " مجلة اتحاد الجامعات العربية للآداب " مقرها جامعة اليرموك، حيث صدر عنها حتى الآن سبعة عشر مجلداً، كما حصلت عام 2019 على معايير اعتماد معامل التأثير والاستشهاد العربي " أرسيف ARCIF" المتوافق مع المعايير العالمية وقدره 2.2 ، لافتا إلى سعيها للدخول في قاعدة البيانات العالميّة "سكوبس" حسب الاتفاقية الموقّعة بين اتحاد الجامعات العربية وشركة إلسيفير لتأسيس منصة إلكترونية لاستضافة وإدارة ونشر المجلات العلمية في الوطن العربي.
ومن جانبه ألقى الدكتور على بن الابراهيم النملة من المملكة العربية السعودية كلمة المشاركين التي أشار من خلالها إلى أن المشاركين بحاجة لمثل هذه الملتقيات العلمية والفكرية لإبراز ما لديهم من إمكانات فكرية وإبداعية وأدبية، التي تبرز الطاقات العربية الكامنة التي نحتاجها في دولنا العربية لان تكون في محل صنع القرار من خلال مراكز البحوث التي تنشئ لهذا الغرض وتعطى القيمة الفكرية والعلمية والسياسية والاجتماعية.
ودعا نملة القائمين على هذا المؤتمر إلى ضرورية استمرارايته وأن يكون انطلاقة للقاءات فكرية قادمة، مشددا على ضرورة اشراك الأكاديميين في مثل هذه المحافل العلمية لإبراز وتنمية طاقاتهم وإمكاناتهم في مجال تخصصاتهم.
وحضر افتتاح فعاليات المؤتمر نائبا رئيس جامعة اليرموك الدكتور أحمد العجلوني، والدكتور أنيس خصاونة، وعميد كلية الآداب في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القضاة، وعدد من أعضاء اللجنة التنفيذية للجمعية العلمية لكليات الآداب في الوطن العربي، وعمداء الكليات، وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية والمسؤولين في الجامعة وحشد من طلبتها.
وتضمنت فعاليات المؤتمر في يومه الأول عقد ثلاث جلسات علمية، ترأس الأولى الدكتور وافي حاج ماجد من لبنان، وتضمنت مناقشة خمس أوراق عمل بعنوان "أسس تعليم اللغة العربيّة للناطقين بغيرها (قراءة وعرض)" للدكتور عبدالله القرني من جامعة أمّ القرى السعوديّة، و "دور جامعة سلي لاميطو في نشر اللغة العربية وثقافتها في نيجيريا" للدكتور عبدالله يونس حسين من جامعة سلي لاميطو النيجيرية، و"المشكلات الصوتيّة في تعليم اللغة العربيّة للطلّاب الأتراك" للباحثة سهر أوغلو من تركيا و الدكتور عوني الفاعوري من جامعة صحار في سلطنة عُمان، و "أزمة اللغة العربيّة لدى فلسطينيّي الداخل: الدخيل العِبريّ في اللسان الفلسطينيّ داخل الخطّ الأخضر" لكل من الدكتور خالد سنداوي والدكتورة عاليا القاسم من الكلّيّة العربيّة في حيفا بفلسطين، و "مخزون اللغة العربيّة في اللغة الإسبانيّة - إستراتيجيّة لتعليم اللغة العربيّة للناطقين بالإسبانيّة" للدكتور علي الشبول من قسم اللغات الحديثة في جامعة اليرموك.
وترأس الجلسة الثانية الدكتور أحمد رضا من مصر، وتناولت خمس أوراق عمل بعنوان "المستشرق اليهوديّ المجريّ )أرمينيوس وامبري ( ودوره في دراسة الحضارة الإسلاميّة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر" للدكتور وليد العريض من جامعة اليرموك، و "أثر الاستشراق ومراكز البحوث الغربيّة في صناعة السياسات ذات العلاقة بالعرب والمسلمين" للدكتور علي بن إبراهيم النملة من السعوديّة، و " الغرب ونشأة البرجوازيّة العربية في المشرق العربيّ منذ أواخر القرن التاسع عشر حتّى بدايات القرن العشرين" للدكتور نمير طه ياسين من جامعة الموصل في العراق، و"أثر الغرب في حركة النهضة العربيّة في بلاد الشام 1798 – 1914م الجوانب العلميّة والثقافيّة أنموذجاً" للدكتور سعد عبد العزيز مسلط من جامعة الموصل في العراق، و "علوم الرياضيات عند المسلمين وأثرها في حضارة الغرب من منظور المستشرقة الألمانية زيغريد هونكة (1913-1999)" للدكتور ابراهيم المزيني من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في السعودية.
ونوقش في الجلسة الثالثة التي ترأسها الدكتور عبد الله القرني من السعوديّة، خمس أوراق عمل بعنوان "علم الأصوات العربيّ في نظر علماء اللغة الغربيّين" للدكتور عبد القادر مرعي بني بكر من جامعة اليرموك، و"الأثر الدلاليّ لتوظيف التراث في الخطاب الأدبيّ في شعر سميح القاسم" للدكتور حسن طاهر أبو الرّبّ من جامعة القدس المفتوحة في فلسطين، و"رواية "الأربعينيّة" للكاتب الإسبانيّ خوان غويتيصولو" للدكتور يونس شنوان من جامعة اليرموك، و"أثر اللسانيّات في التحليل - إنجازيّة القول بـ (إنّما) أنموذجاً" للدكتور محمّد عبد الرضا فيّاض من كلية الإمام كاظم للعلوم الإسلاميّة في العراق، و"النّحو العربيّ في ضوء اللسانيّات الحديثة - دراسة نقديّة" للدكتور عثمان عبد الله محمود من جامعة بايرو، كنو في نيجيريا.