افتتح رئيس جامعة اليرموك الدكتور زيدان كفافي بحضور مدير دائرة الآثار العامة يزيد عليان، ومديرة المعهد الالماني للآثار بعمان الدكتور كترينا شميت، معرض "تل زرعة: مرآة من تاريخ الأردن القديم" والذي نظمته كلية الاثار والانثروبولوجيا في جامعة اليرموك بالتعاون مع دائرة الاثار العامة والمعهد الالماني للآثار، حيث تضمن المعرض مجموعة من القطع الأثرية التي اكتشفت في موقع "تل زرعة" في منطقة وادي العرب والذي يعتبر من أهم المواقع الأثرية المكتشفة في شمال الاردن.
وقال كفافي عقب افتتاح المعرض أن جامعة اليرموك حرصت عبر تاريخا على مد جسور التعاون مع المؤسسات والهيئات المحلية والأجنبية في مجال التراث والآثار، بما يسهم في تعزيز ودعم دورها في الحفاظ على التراث الأردني، وتعريف أبناء المجتمع بأهميته وتشجيعهم على المشاركة في حمايته، وذلك من خلال المشاريع العلمية والدراسات الأكاديمية التي يتم إجراؤها في كلية الاثار والانثروبولوجيا في الجامعة، ومشاريع التنقيبات الأثرية بالتعاون مع دائرة الاثار العامة وعدد من المعاهد والمؤسسات والبعثات الدولية، الهادفة إلى بناء جيل أردني من الباحثين والأساتذة قادرين على تحليل وصياغة تاريخ الحضارات المتعاقبة على أردننا الغالي الذي يزخر بالمواقع الأثرية.
وأضاف أن هذا المعرض يعد من المعارض الهامة التي تنظمها جامعة اليرموك والتي تعرض عددا من القطع الأثرية الهامة التي تم اكتشافها في منطقة تل زرعة والتي تحكي لنا قصصا عن حياة سكان المنطقة اليومية ومعتقداتهم القديمة الدينية، وحرفهم اليدوية، كما تؤكد هذه القطع على أهمية موقع تل زرعة الاستراتيجي على طريق التجارة الدولي بين مصر وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين، الأمر الذي يدل على عمق علاقات الأردن الحضارية والتجارية مع المناطق القريبة والبعيدة على حد سواء وهذا ما تبينه القطع الأثرية المكتشفة في موقع تل زرعة والتي تم اكتشاف قطع مماثلة لها في مصر ومناطق متعددة في بلاد الشام.
وأعرب كفافي عن شكره لدائرة الآثار العامة ومعهد الالماني الاثار في عمان وكل من ساهم من كلية الاثار والانثروبولوجيا في الجامعة على التحضير والاعداد من أجل إقامة هذا المعهد، داعيا طلبة الجامعة وأبناء المجتمع المدني لزيارة المعرض والاطلاع على جزء هام من التاريخ الأردني القديم.
بدوره أشاد عليان بجهود جامعة اليرموك ممثلة بكلية الاثار والانثروبولوجيا في الكشف عن التاريخ الحضاري للأردن والمحافظة عليه، مشددا على حرص دائرة الآثار العامة على توثيق التعاون المشترك مع الجامعة في المجال الميداني والنشر العلمي، وتبادل الخبرات العلمية والأكاديمية والمساهمة في تطوير العملية التدريسية في الكلية بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل في مجالات الآثار، الأمر الذي يسهم في توفير فرص أكثر لخريجي الكلية في المستقبل، لافتا إلى أن التعاون المستقبلي سيشمل مراجعة وإعادة تقييم القطع الأثرية الموجودة في جامعة اليرموك من قبل دائرة الاثار العامة، وإثراء هذا المخزون بقطع جديدة من اجل عرضها في متحف التراث الأردني في الجامعة، إضافة إلى إتاحة المجال لأعضاء الهيئة التدريسية في كلية الاثار لاستخدام مختبرات وتقنيات ومراكز التدريب على الترميم التابعة لدائرة الاثار العامة من أجل تنفيذ إجراء الدراسات والبحوث العلمية الأثرية وكل ما يتعلق بعمللية المحافظة على التاريخ الأردني وخاصة أن محافظة اربد تزخر بالمواقع الأثرية.
من جانبها قدمت شميت مديرة المعهد الالماني للآثار بعمان، عرضا مفصلا حول القطع الأثرية المعروضة، واهمية موقع تل زرعا الأثري في فهم تاريخ الحضارات التي تعاقبت على المنطقة عبر العصور، مشددا حرص المعهد على توثيق صلات التعاون مع جامعة اليرموك التي تحتضن كفاءات علمية متميزة في مجالات الاثار وصيانتها، وكان لها دور فاعل وهام في الكشف عن تاريخ الاردن الحضاري والمحافظة عليه.
عميد كلية الاثار والأنثروبولوجيا الدكتور هاني هياجنة أوضح أن هذا المعرض يعد من أنشطة الكلية الهادفة إلى توطيد التعاون القائم بين الكلية والمؤسسات الأجنبية والمحلية في حقل التراث والآثار والهادفة إلى كشف النقاب عن تاريخ الاردن في العصور القديمة، وذلك بدعم موصول من دائرة الآثار العامة الأردنية، لافتا إلى أن الجامعة تعمل على إعداد خطة منهجية للتعاون مع دائرة الآثار العامة في حقول التنقيب الاثري والأبحاث المشتركة، بما يسهم في كشف النقاب عن الصورة التاريخية للاردن في سياقه الحضاري والثقافي، بسواعد وخبرات أردنية.
وبين أن للمعرض هدف تعليمي هام، حيث سيتم دعوة طلبة المدارس لزيارته من اجل التعرف على وجه مشرق آخر من تاريخ الاردن، وسيبقى متاحا للزوار حتى شهر حزيران 2020.
ويذكر أن تل زرعة يقع على تل طبيعي تَشَكّل من تراكم الرواسب الكلسية أثناء عملية التصلب الحراري لينابيع ارتوازية خلال عشرات الآلاف من السنين، وترتفع البقايات المعمارية للاستقرار البشري فيه 25م في الجنوب والغرب، و40م، وقد سكنته مجموعات بشرية متعاقبة منذ أوائل العصر البرونزي في الألفية الرابعة قبل الميلاد وحتى العهد العثماني (القرن التاسع عشر الميلادي)، تاركة آثارًا للإستقرار البشري لأكثر من 5000 عام، فسمح هذا التسلسل للباحثين بتتبع التطورات الثقافية في الحياة الحضرية، والحرف اليدوية، وتاريخ الأديان والتواصل الثقافي مع المناطق المجاورة على مدى فترة طويلة من الزمن.
ويشار إلى أن أولى المستقرات الحضارية بنيت على صخور السطح الجيرية الطبيعية في وادي العرب في العصر البرونزي المبكر منتصف الألفية الرابعة قبل الميلاد، ومنذ ذلك الزمان بقي التل مأهولاً بالسكان دون انقطاع حتى القرن التاسع عشر الميلادي على الرغم من تعرض التل للكوارث، كالزلازل أو الحروب أو غيرها من العوامل، إذ كان الناس يعودون دائماً بعد فترة قصيرة للإستقرار عليه، وذلك لظروف الاستقرار المثالية التي يوفرها تل زرعة.
وحضر افتتاح المعرض مستشار رئيس الجامعة لشؤون الموارد البشرية الدكتور عبد الحليم الشياب، والدكتورة يوتا هيزر من المعهد المذكور والتي كانت مشرفة على حفرية تل زرعة، وعدد من اعضاء الهيئة التدريسية في كلية الاثار والأنثروبولوجيا في الجامعةن وعدد من المسؤولين في دائرة الآثار العامة والجامعة، وحشد من الطلبة.