ألقى رئيس ديوان الخدمة المدنية السيد سامح الناصر محاضرة في جامعة اليرموك بعنوان "الخدمة المدنية في الأردن بين الواقع والطموح"، والتي نظمها قسم الإدارة العامة في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية بالجامعة، بحضور نائب رئيس الجامعة لشؤون الكليات الإنسانية الدكتور فواز عبدالحق الزبون.
وبين الناصر أن رؤية ديوان الخدمة تتمثل في الريادة في إدارة الموارد البشرية والوظيفة العامة في الخدمة المدنية، مؤكدا سعي الديوان لتحقيق رسالته الرامية إلى إدارة وتطوير الوظيفة العامة بأبعادها البشرية والإجرائية والقانونية والرقابية بالتعاون مع الشركاء، موضحا أن ديوان الخدمة جهاز مركزي يرتبط برئيس الوزراء، تأسس عـام 1955 وأنشئ بموجب قانون ديوان الموظفين رقم (11) كدائرة مركزية مسؤولة عن تنظيم شؤون الموظفين في الدولة لضمان رفع كفاءتها وتحسين مستوى أدائها لواجباتها، ويعنى بتنظيم وادارة شؤون الموظف والوظيفة العامة، ويوفر البيانات والمعلومات والمؤشرات الحيوية التي تخدم رسم السياسات المتعلقة بادارة الموارد البشرية في الخدمة المدنية، إضافة إلى مؤشرات العرض والطلب على التخصصات والموارد البشرية في القطاع العام.
وبين الناصر خصائص وسمات سوق العمل الاردني والمتمثلة في الارتفاع المستمر في معدلات البطالة والذي وصل إلى حوالي 19.1% في الربع الثالث من عام 2019، والاختلال في توزيع القوى العاملة قطاعياً وتعليمياً ومهنياً، وانخفاض معدل المشاركة الاقتصادية (المنقح) في سوق العمل الأردني الذي بلغ (35.8%) وكان بواقع (15.4% للإناث مقابل 56.4% للذكور) بنهاية عام 2018، ومحدودية الوظائف المستحدثة سنوياً والتي تقدر بحوالي (50 ألف) وظيفة لكافة المؤهلات وينافس عليها غير الأردنيين وخاصة العمالة الوافدة الذين يستحوذون على نسبة تشكل (9%) تقريبا من إجمالي الوظائف المستحدثة.
واستعرض أبرز التحديات التي تواجهها الخدمة المدنية في معالجة قضايا البطالة وتوفير فرص للكفاءات الاردنية وهي ضخامة اعداد الخريجين سنويا ومعظمهم من حملة التخصصات التي يصفها الديوان بالراكدة والمشبعة، ومحدودية الشواغر المتوفرة لغايات التعيين مقارنة بعدد طلبات التوظيف المقدمة للديوان نتيجة للظروف المالية الراهنة والتزامات الديوان و شركائه بسياسة ضبط حجم الجهاز الحكومي ضمن المستويات الآمنة، وافتقار حديثي التخرج للكفايات الاساسية التي تمكنهم من الانخراط بسوق العمل بسرعة، والاستمرار في تخريج أعداد متزايدة من الخريجين في تخصصات لا يحتاجها سوق العمل والسعي الحثيث للحصول على شهادات أعلى استجابة لاحتياجات التوظيف وليس سبيلاً لاكتساب المهارات، مما أبرز ظاهرة بطالة حملة الشهادات العليا ، مع وجود عجز وطلب في تخصصات أخرى، بالإضافة إلى ضعف التكامل بين مؤسسات التعليم العالي وسوق العمل، وارتفاع تكلفة التعليم الجامعي التي تسهم في توجه الطلبة نحو دراسة بعض التخصصات الغير مطلوبة ( الانسانية) لكونها كلفتها منخفضة نسبياً، وانحراف الكليات عن دورها الذي أنشئت من أجله بتدريس التخصصات التقنية والتطبيقية وتحولها لتدريس المهن الإنسانية التي تعاني أصلا من الإكتظاظ على المستوى الجامعي، مما فاقم من أعداد الخريجين ضمن هذه المهن الراكدة، والاضطرابات الاجتماعية والسياسية في دول الجوار، التي بدورها قوضت فرص العمل للأردنيين في الدول المجاورة الامر الذي بدوره ساهم في زيادة الفجوة بين طالبي التوظيف من الكفاءات الاردنية والحاصلين على فرص للتعيين في سوق العمل المحلي والخارجي، و الزيادة المستمرة في عدد السكان نتيجة للهجرة القسرية، والتي فرضت ارتفاع نسب البطالة، نتيجة لمنافسة العمالة غير الأردنية وخاصة السورية في المهن والأعمال التي يمكن أن يقبل عليها العاملون الأردنيون.
وأوضح الناصر خلال المحاضرة التوجهات الحكومية المتخذة لمعالجة الفقر والبطالة وتحسين ظروف العامل الاردني، من خلال تكثيف البرامج الموجهة لمكافحة الفقر والبطالة وحماية المستهلك وخاصة الطبقة الوسطى، ودعم المشاريع الإنتاجية والريادية والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والارتقاء بنوعية وجودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين في مختلف المجالات، والبناء على برنامج إصلاح القطاع العام، والتركيز على قطاعات الصحة والتعليم والتدريب والتشغيل بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل، وضمان تحقيق أعلى درجات المساواة وتوخي العدالة في الحصول على هذه الخدمات، وضمان التوزيع العادل لمكتسبات التنمية من خلال التركيز على البرامج التنموية في المحافظات.
واستعرض أبرز المستجدات على التعليمات المعدلة لتعليمات الاختيار وتعيين الموظفين في الوظائف الحكومية من الفئات الأولى والثانية والثالثة والعقود الشاملة لجميع العلاوات (2017 /2019) وهي: اختيار وتعيين الموظفين في الوظائف الحكومية من الفئات الوظيفية، وإدخال (شهادة الدبلوم الفني) عند تصنيف الكشوفات التنافسية لطالبي التعيين، واختيار وتعيين موظفي العقود الشاملة لجميع العلاوات، ورفع الإعلان الذي يتم صياغته من الدائره بشروط تفصيلية ومواصفات محددة لديوان الخدمة المدنية لاعتماده بصيغته النهائية لغايات ضبط الإعلانات المفتوحة، وعدم السماح بالتقدم لأكثر من وظيفة واحدة ضمن نفس الإعلان، وإلزامية عقد الامتحان التنافسي, حيث يقوم الديوان وبالتنسيق مع الدائرة المعنية بعقده, إذ كان النص السابق يجيز الاكتفاء بالمقابلة الشخصية اذا قل عدد المرشحين عن 10 اشخاص، ويتم نشر الإعلانات في صحيفة يومية واحده من الصحف الثلاث الأوسع انتشارا على الأقل وعلى موقع الديوان الإلكتروني، وتكون علامة الامتحان التنافسي (80) علامة وترصد (20) علامة للمقابلة في حال عدم توزيع النقاط التنافسية الـ(100) المخصَّصة للامتحان وللمقابلة, إذ تقوم اللجنة بتوزيع النقاط وفي حال إغفال توزيعها تمّ النصّ صراحة على توزيعها، وإعادة تدقيق الطلبات داخل الديوان, وذلك بتزويد الديوان بالطلبات المقدمة ومحاضر الفرز.
كما شملت المستجدات أيضا تزويد الدائرة بأسماء الناجحين لغاية المقابلة الشخصية دون إظهار علاماتهم في الامتحان، وضمان الحيادية والشفافية في إجراء المقابلات الشخصية وتسجيلها بالصوت والصورة, والتمكين من الرقابة عليها ويجوز في حالات استثنائية عقدها في مكان آخر بقرار من رئيس ديوان الخدمة المدنية، وضبط إجراء المقابلات الشخصية عن طريق عقدها في الديوان، وأن يقوم مندوب الديوان بالتأكد من سلامة الإجراءات والحيادية وتكافؤ الفرص بين المرشحين وبخلاف ذلك يتم إيقاف إجراءات المقابلات الشخصية وإعداد تقرير بذلك لرئيس الديوان الذي يحيله بدوره إلى اللجنة المركزية للموارد البشرية، لإصدار القرار المناسب بشأنها، وان يتم اللجوء إلى الترشيح من التخصصات البديلة من أبناء نفس المنطقة الجغرافية وقبل اللجوء إلى التجيير، وأن تكون الخبرات العملية المحلية المطلوبة للمتقدمين على الوظائف بالفئات الأولى والثانية والثالثة والعقود الشاملة لجميع العلاوات خاضعة للاشتراك وفقاً لأحكام قانون الضمان الاجتماعي.
وفيما يتعلق بمؤشرات حول واقع الوظائف حسب الفئات والمجموعات النوعية لعام 2018، 2019، قال الناصر إن ديوان الخدمة اعتمد بشكل مبكر مفهوم التقسيم القطاعي لمجموعات الوظائف في الخدمة المدنية من خلال (4) مجموعات تضم (10) قطاعات اساسية، مستعرضا الانجازات في مجال تطوير الموارد البشرية في الخدمة المدنية وهي رفع كفاءة القطاع العام وتحسين مستوى المعيشة، وضبط حجم جهاز الخدمة المدنية، وتطوير منهجية تخطيط الموارد البشرية، وبرنامج اعادة هيكلة القطاع العام (دمج، الغاء ، استحداث) واثره في التخفيف من حجم جهاز الخدمة المدنية، ومشروع الموائمة بين الموارد البشرية والادوار والمهام المؤسسية للدوائر الحكومية.
كما تم خلال المحاضرة مناقشة موضوعات التحديات التي تواجه الموارد البشرية، والتوصيات حول واقع الموارد البشرية، ومؤشرات العرض والطلب على الموارد البشرية في الخدمة المدنية، والتخصصات الأكثر كثافة من حملة الشهادات الجامعية، والتخصصات الأكثر كثافة على مستوى حملة مؤهل الدبلوم المتوسط، ولمحة حول واقع مخرجات العملية التعليمية في المملكة وأبرز العوامل المؤثرة بها، ومقترحات ديوان الخدمة المدنية للتعامل مع الطلبة الملتحقين بالجامعات من حملة تخصص معلم صف / ذكور، وواقع التعليم التقني والفني، والكفايات والوظيفة المطلوبة، وأنواع المهارات الحياتية الأساسية والمهارات التي يحتاجها الباحثون.
واستعرض الناصر توصيات ديوان الخدمة المدنية بضرورة ضبط مخرجات التعليم، وتوجيه الموارد البشرية نحو التخصصات والمهن المطلوبة بسوق العمل، لايقاف الهدر في طاقاتنا البشرية، والتضخم التراكمي في أعداد المتعطلين، وتعزيز التوجه نحو اللامركزية من خلال فتح مكاتب خدمة مدنية في قصبات المحافظات، ودعم وتعزيز دور الديوان في إدارة الموارد البشرية، ودعم خطط الديوان في التحول الالكتروني.
وفي نهاية المحاضرة التي استمع إليها عميدة الكلية الدكتورة منى المولا، ورئيسة القسم الدكتورة تمارة اليعقوب، وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية وطلبة الكلية، أجاب الناصر على اسئلة واستفسارات الحضور.