رعى نائب رئيس جامعة اليرموك لشؤون الكليات الإنسانية الدكتور فواز عبد الحق المحاضرة الثانية التي نظمتها مكتبة الحسين بن طلال في الجامعة بعنوان "الأسس الفكرية لنظرية النسبية"، والتي ألقاها أستاذ الفيزياء بجامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا الدكتور هشام غصيب، ضمن سلسلة محاضرات "فلسفة العلم وتاريخه"، التي تنظمها المكتبة.
وتحدث غصيب عن جهود آينشتاين في وضع نظرية النسبية، مستعرضا الوضع المعرفي في مجالَي الرياضيات والفيزياء في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وبيَّن أن العلماء كانوا مطمئنين تمامًا في نهاية القرن التاسع عشر إلى أن قوانين الفيزياء المكتشفة -ومن ضمنها قوانين نيوتن- باتت قادرة على تفسير الظواهر الطبيعية كلها، حتى جاء عام 1905، حين نشر ألبرت آينشتاين، والذي كان ما يزال مغمورًا يومها، ستة مقالات نبَّه في بعضها إلى قصور في قوانين نيوتن؛ إذ وجد أنّ قوانين الفيزياء تتغيّر في ميكانيكا نيوتن حسب سرعة المراقب الذي يسجّل المشاهدة.
وأضاف أن اينشتاين وانطلاقًا من قناعته بأنّ قوانين الفيزياء يجب أن تكون ثابتة لا تتغيّر، قدَّم فيما يعرف بنظرية النسبية الخاصّة مفهومًا جديدًا للحركة يتضمّن تشابك الزمان بالمكان، فعوضًا عن الزمان المطلق الذي افترضه نيوتن مستقلًّا عن المكان ويسير بإيقاع واحد لكل المراقبين، أصبح الزمان نسبيًّا، مجرّد بعدٍ رابع في نسيج الزمكان، يمرّ سريعًا بأحد المراقبين بينما يمرّ بطيئًا بالآخر، كما لم يعد للمكان معنى من غير زمانٍ لا أجسام تتحرّك فيه. وفي عام 1915 نجح آينشتاين في تعميم نظرية النسبية الخاصّة ليخرج على الفيزيائيين بالنسبيّة العامّة التي وضعت مفهومًا جديدًا لظاهرة الجاذبيّة وتعد الأساس لعلم الكون cosmology، مسجّلة العديد من الانتصارات، متنبّئة بالثقوب السوداء ووجود ما يُسمّى بموجات الجاذبيّة وتعرّج مسار الضوء عند مروره قرب الأجرام الضخمة.
وأشار غصيب إلى أنّ نظريّة النسبيّة هزّت معنى "الحقيقة الموضوعيّة" فقد أصبح كلّ شيء نسبيًّا باستثناء قوانين الفيزياء، كما بيّن أنّ نظريّة النسبيّة لم تغيِّر في فهمنا لعلم الفيزياء وحده، وإنما غيَّرت من نظرتنا إلى العالم من حولنا، بل وربّما إلى أنفسنا أيضًا.
وفي نهاية المحاضرة التي أدارها رئيس قسم الكيمياء بالجامعة الدكتور أيمن حمودة، وحضرها عدد من أعضاء هيئة التدريس، وأبناء المجتمع المحلي، وحشد من الطلاب، جرى نقاش مطوَّل عبّر فيه المحاضر عمّا يراه من أنّ الأديان والمعتقدات مجالها الفلسفة لا الفيزياء وأنّه لا تأثيرَ لها في عمل الفيزيائيين.