رئيس جامعة اليرموك/ أ.د زيدان كفافي
"فاز جلالة مليكنا بجائزة رجل الدولة الباحث وتسلم جائزة هذا العام بعد ان حقق بنظر قادة معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مبررات ودواعي منحها له وهي الجائزة التي لم يمض على إنشائها سوى ثلاثة عشر عاماً ولم يفز بها سوى ثلة من قادة وساسة العالم أمثال بيل كلينتون وتوني بلير وكونداليزا رايس وغيرهم مع حفظ الألقاب، وبالتالي فإنّ لنا أن نفخر ونعتز بقائدنا الذي بلغت سمعته منزلة العالمية فكان هو صاحب هذا التقدير المشرِّف ليس فقط لشخصه الكريم بل لكل مواطن أردني وعربي ينوب وناب عنه الملك الهاشمي في حمل هموم وقضايا الأمتين العربية والإسلامية وجاهد في سبيل إحقاق الحق ونشر قيم العدالة والمحبة والتسامح وإجلاء معالم الصورة الحقيقية للإسلام وتقديمه للعالم كدين منفتح وغير منغلق، ودين سلام يرفض العنف والإرهاب ويلفظ الكراهية ويدعو للحوار ويتقبل.
إنّ ميزة هذه المؤسسات العالمية أنها تعترف بالجهد الإنساني والدبلوماسي والسياسي المكثّف الذي نهض به جلالة الملك وهو يعيش في منطقة تعج بالمشاكل والاضطرابات التي فرضتها تبعات وتطورات قضايا الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأنها قد تتبعت الدور العظيم الذي لعبه جلالته في تعزيز قيم ومبادئ الحوار والعيش المشترك والوئام بين الأديان، وشجاعته وجرأته في دعواته المستمرة لتوحيد الجهود العالمية لمواجهة أصحاب الفكر المتطرف، وكذلك تكراره الحديث عن أهمية أن يعم السلام جميع أنحاء العالم وأن نخلق جيلاً ينبذ الطائفية والإقليمية والعنصرية وأن تتاح له فرصة العيش بأمان وبمنأى عن الحروب والنزاعات والاقتتال.
يعنينا في مؤسسات التعليم العالي كثيراً أن نتوقف على ما جعل مؤسسات وجامعات ومعاهد وأكاديميات دولية تتنادى بين فترة وأخرى لتكريم جلالة الملك عبد الله الثاني ومنحه شهادات وجوائز ودروعاً تقديرية اعترافاً منها بأدوار إنسانية وسياسية ودبلوماسية قام بها حفظه الله وما زال متمسكاً بها منذ عقدين مضيا من حكم جلالته صبّت في نهاية المطاف في خدمة الإنسانية وتعزيز جهود تحقيق السلام خاصة في منطقة الشرق الأوسط وفلسطين على وجه الخصوص ومقدساتها الإسلامية والمسيحية التي يقع على الملك إزاءها ما لا يقع على كاهل غيره كقائد هاشمي مناط به مسألة الوصاية الهاشمية على المقدسات.
فخورون بأن يتسلم جلالة الملك جائزة من مؤسسة عالمية عريقة كمعهد واشنطن، ولعل كل من امعن النظر وأعاد قراءة مبررات قادة المعهد لمنحها لجلالته ليقف على حقيقة لا مناص منها وهي القدرة والقوة والشجاعة التي تحلى بها الملك الأردني الذي استطاع مواجهة التحديات التي تواجه بلده في ملفات عديدة وأن يخرج منها أكثر إصراراً على تحقيق منجزات إضافية، وهذا إلى جانب عدم تخليه عن دوره الدولي كما أسفلت الإشارة إليه.
باختصار، إن جلالة الملك عبد الله الثاني يمثل صوتاً عربياً هاشمياً معتدلاً وموقفاً عاقلاً متزناً اقرب ما يكون إلى الواقعية والإحساس بالمسؤولية والالتزام المناط به لخدمة الإنسانية جمعاء من خلال بذل كل جهد ممكن لتعظيم القواسم المشتركة بين بني البشرية من أتباع مختلف الأديان، وهو ما تمت ترجمته عبر سنوات حكم جلالته بخطوات عملية كانت لها آثارها الكبيرة كرسالة عمان، ومبادرة كلمة سواء، وأسبوع الوئام بين الأديان هذا في الوقت الذي لم يخل فيه أي خطاب من خطابات جلالته من تبيان وتقديم الأدلة والبراهين ونقاط التلاقي التي يتفق عليها أتباع الأديان السماوية الثلاث".