رعى نائب رئيس جامعة اليرموك للشؤون الطلابية والاتصال الخارجي الدكتور فواز عبد الحق، المحاضرة التي نظمتها مكتبة الحسين بن طلال في باكورة محاضراتها للفصل الدراسي الأول الحالي، بعنوان "مفهوم الإله عند آينشتاين"، والقاها الدكتور محمد باسل الطائي من قسم الفيزياء.
وتحدث الطائي في بداية المحاضرة عن نشأة آينشتاين وحياته الاجتماعية، مرورا بمراحل علاقة آينشتاين بالدين رغم أنه نشأ في أسرة غير متدينة، مشيرا إلى أن المرحلة الأولى لارتباط اينشتاين بالدين كانت مرحلة التقليد وتقبل الاعتقادات الموروثة في فترة الطفولة، وأن الثانية جاءت خلال فترة المراهقة، والتي ظهرت لديه خلالها نزعة التمرد والرفض والثورة الفكرية على كل ما هو موروث، وخلالها تبنى فلسفة باروخ سبينوزا (ت 1677) ورؤيته للعالم والإله موضحا أن حالة الرفض والتمرد على الدين قد امتدت لديه حتى بلوغه الأربعينات من عمره، إلى أن تمكن آينشتاين من تكوين رؤيته الدقيقة للعالم وتصوره للإله وموقفه المتوازن من العلم والدين.
وأوضح أن أينشتاين تخطى الفهم المنغلق والمتزمت لتعاليم الدين، وبقي مؤمنًا بأن هذا العالم لم يتكون صدفة ولا بطريقة عشوائية، فاحتفظ بأصل الإيمان الديني، وهو البحث عن الله من خلال التأمل في مخلوقاته، وأنه آمن بأن للكون بداية كما دلته اليه كشوفاته في النسبية العامة، لافتا إلى أن آينشتاين وفي الوقت نفسه رفض التصور التوراتي للإله، ذلك التصور المغرق في الشخصانية، بل اعتقد أن الإله الحق هو الذي ينصهر في تكوين العالم ويحل في كل مكوناته، فيحرك الساكن، ويوقف المتحرك بسنة كونية راقية منسجمة في عقل وجودي واحد يعبر عنه هذا النظام الكوني الشامل، فالإله عنده ضرورة تتحقق من خلال هذا النظام على نحو تجريدي كلي يتمثل في جملة قوانين الطبيعة التي في العالم.
وخلص الطائي في محاضرته إلى أن آينشتاين يرى أن في هذا الكون عقلاً شموليًا قائمًا به، ينسق الأحداث والظواهر وكل الحركات والتحولات التي تحصل وفقًا لسنن ثابتة وحتمية.
ولكنَّ الطائي خالف آينشتاين في تصوراته، لأن ظواهر العالم ليست حتمية، بل يرى أن العقل الشمولي الكوني الذي تخيله آينشتاين هو في الحقيقة قدرة تجريدية عليا تعلو فوق القوانين والسنن وفوق الزمان والمكان، وليس هو جزءًا منها ولا هي جزء منه، فيسمو الخالق عن مرتبة الإله المتجلي في الأعيان إلى جلال الله القيوم سبحانه وتعالى.
وكان قد أدار المحاضرة، وعقب في نهايتها بملاحظات عامة، تعلق أكثرها بمناهج التفكير العلمي في القوانين الفيزيائية الكونية والضوابط التي تحكم الاستنتاج منها.
وفي نهاية المحاضرة التي أدارها الدكتور أيمن حموده، رئيس قسم الكيمياء، وحضرها مدير مكتبة الحسين بن طلال الدكتور عمر الغول، وعدد من أعضاء الهيئة التدريسية وطلبة الجامعة، والمهتمين من المجتمع المحلي، جرى نقاش موسع اجاب من خلاله الطائي على أسئلة ومداخلات الحضور.