قال رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبد الرؤوف الروابدة إن الاصلاح ضرورة وطنية دائمة لا تتوقف ولا تنتهي، ولكن تختلف حدة الحاجة إليه من حين إلى آخر، وأن نجاح عملية الاصلاح يعتمد على عدة مرتكزات، من أهمها توفر إرادة سياسية معلنة وظاهرة، وقدرة الجهاز الاداري والسياسي على ترجمة تلك الارادة إلى ممارسات، إضافة إلى ضرورة رغبة قوى المجتمع الفاعلية في التعاون والمشاركة الجدية في الوصول إلى توافق نموذج الاصلاح وطريقة تنفيذه، مع الالتزام بأمن الوطن والمواطن، وحماية الاستقرار العام لضمان بيئة مناسبة للتطبيق.
وأشار خلال رعايته حفل افتتاح فعاليات المؤتمر الوطني الثاني (مؤتمر محافظة اربد الرابع) بعنوان "الأوراق النقاشية الملكية: دراسة في تحديات الحياة السياسية للديمقراطية الأردنية"، والذي تنظمه جامعة اليرموك بالتعاون مع المنتدى الثقافي في محافظة اربد، ومديرية ثقافة اربد، والنادي العربي، بحضور رئيس مجلس أمناء جامعة اليرموك الدكتور خالد العمري، إلى أن الديمقراطية ليست أيديولوجيا أو عقيدة واضحة البنيان، وإنما أسلوب في الحكم يقوم على الحوار، ويعتبر الأمثل في مواجهة التسلط والدكتاتورية، وهي حصيلة الفكر الانساني عبر العصور، لافتا إلى ان البناء الديمقراطي تراكمي مع الزمن، ويتعزز انجازه بالمزيد من الممارسة، ويخضع للتطوير والتجديد باستمرار، موضحا أنه لا يوجد نموذج موحد للبناء الديمقراطي، الأمر الذي يتيح للدولة أن تختار النموذج الذي تراه مناسبا لظروفها ويعزز عناصر قوتها ويعينها على مواجهة التحديات، وتطوره بتطور ظروفها.
وشدد على أن عملية الاصلاح عملية متدرجة، فهي تعتمد على قدرات الجهاز التنفيذي بالتجاوب والالتزام من جهة، وعلى قدرة المجتمع لقبول التغيير والدفاع عنه من جهة أخرى، مشيرا إلى ان جلالة الملك ومن خلال الوراق النقاشية يطرح تصوراته الشاملة للعملية الديمقراطية، ولنموذج الاصلاح، وهو يعبر بوضوح عن الارادة السياسية العليا لتحريك الواقع واستشراف المستقبل، لافتا إلى أن الاوراق النقاشية تتضمن رأي لجلالة الملك في مختلف القضايا والمجالات ليكون هذا الرأي فاتحة للحوار وميدانا للنقاش والتوسع والشمول.
وأضاف إن القوى الفكرية في الأردن، وفي مقدمتها الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب مدعوة ومسؤولة عن القيام بالدراسات الجادة والموضوعية لهذه الأوراق النقاشية، بأسلوب علمي يأخذ بعين الاعتبار التجارب العالمية الناجحة، وواقع الاردن وظروفه وقيمه وثوابته المستقرة، من أجل الخروج بنماذج للإصلاح والتنمية قابلة للتطبيق.
وألقى رئيس جامعة اليرموك الدكتور زيدان كفافي كلمة في افتتاح المؤتمر شدد فيها على ضرورة مناقشة وتحليل ودراسة الأوراق النقاشية الملكية، ودراسة مبادئها، وتحويل أهدافها وفلسفتها إلى استراتيجيات وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية تنبثق منها الخطط التنفيذية، لأنها تعد منهج حياة لردن ديمقراطي متطور، وقادر على مواجهة التحديات، مشيرا إلى ان الأوراق النقاشية الملكية من الأولى وحتى السابعة تشكل خارطة طريق ضمن منهج علمي محكم، ومسار ينطلق من الحاضر إلى المستقبل، وتكشف عن الفكر الراقي والروح السامية التي صاغتها، وعن عبقرية القيادة الهاشمية، وتبين فلسفتها للحياة الديمقراطية ومنهجها للتحول الديمقراطي المبني على أسس الحوار البناء، بحيث تسعى لتأمين مستقبل وطننا الأردن والوصول به إلى معارج الرقي والتقدم، ويحدد جلالته من خلال هذه الاوراق النقاشية بوصلة الحياة الديمقراطية، واضعا نصب عينيه الطريق الواضح للإصلاح الشامل القابل للتنفيذ، ضمن رؤية علمية لمستقبل الحياة الديمقراطية.
وأوضح أن جامعة اليرموك تسعى على الدوام لتنفيذ الاجندات الوطنية التي وضعت الاوراق النقاشية الملكية أسسها ومبادئها من أجل تطوير نظامنا الديمقراطي، والعمل على إنجاح ديمقراطيتنا المتجددة بالعزم والتعاون، وتسليح طلبة الجامعة بمبادئ المواطنة الصالحة والفاعلية، وتنمية الوعي لديهم حول تعميق التحول الديمقراطي والمضي قدما في العمل تحت سيادة القانون، بالإضافة إلى بناء القدرات البشرية وتطوير العملية التعليمية وفق متطلبات العصر.
بدوره ألقى رئيس المنتدى الثقافي في اربد الدكتور محمد العناقرة كلمة أشار فيها إلى ان البيئة الدولية والإقليمية والحلية تزخر بتحديات متنوعة، على الصعيد السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، وكان لابد من رصدها وبحثها للإفادة من فهم معطياتها، بما يمكننا من وضع استراتيجية شاملة تؤهلنا جميعا للعمل والبناء لتحقيق النجاح، وليصبح الاردن قويا بهمم وسواعد أبنائه، لافتا إلى ان عملية الاصلاح السياسي والتطور الديمقراطي في الاردن في حركة مستمرة، وأن جميع أطراف المعادلة السياسية وعلى راسهم جلالة الملك، والبرلمان، ومجلس الوزراء، والاحزاب، والمواطنون مدركون أهمية المضي قدما في الديمقراطية، والتغلب على كافة المعيقات التي تواجهها بالحوار البناء والاحترام المتبادل، مشددا على ان عقد فعاليات هذا المؤتمر جاءت من أجل تكاتف الجهود والعمل من اجل تطوير الاردن سياسيا وديمقراطيا، ومناقشة الاوراق النقاشية الملكية التي جاءت مشتملة على جملة من المضامين شكلت خارطة طريق تسترشد بها الحكومات المتعاقبة، كما شكلت مرتكزا يؤسس لمرحلة جديدة من التنمية والاصلاح، وفق أسس ومعايير موضوعية مدروسة، وقيمت في الوقت نفسه مسيرة التطور من حيث حجم الانجازات المتحققة، وتحديد مواطِن الخلل والتحديات التي تعترض المسيرة الأردنية، وسبل التغلب عليها.
كما ألقى الدكتور جمال الشلبي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية كلمة المشاركين، أوضح من خلالها أن الأوراق النقاشية الملكية هي رؤية بعيدة المدى، وقيم فكرية وسياسية رفيعة، وحل لمشاكل الدولة والمجتمع، وهي فرصة أمل حقيقية تقود المستقبل لصالح الأردن وشعبه، شريطة وجود رغبة حقيقية وواقعية لدى القائمين عليها في تحقيق رؤية جلالة الملك على أرض الواقع، ووجود كفاءات مؤمنة بهذه الاوراق، وقادرة على نقل هذه الافكار إلى عالم الحقائق.
وأضاف أن جلالة الملك أراد ومن خلال الأوراق النقاشية أن يبين أن الملك ليس بعيدا عن قضايا الوطن والمواطن، وأنه يطرح قضايا فكرية وسياسية لكي تفكر بها النخب السياسية وتعمل على تنفيذها، كما أنه أراد لهذه الوراق النقاشية أن تكون مرجعية للحكومات، تستهدي بها في عملها اليومي والاستراتيجي خلال إدارتها للدولة الأردنية، مشيرا غلى ان هذه الاوراق النقاشية تمثل بشكل أو بآخر أسلوب الحوار المباشر الدائري بين الحاكم والمحكوم، والقائم على تبادل الافكار والآراء والطروحات، والاستراتيجيات العملية لمواجهة كافة التحديات لا سيما في ظل ما يسمى بالربيع العربي.
وحضر حفل الافتتاح نواب رئيس الجامعة الدكتور أحمد العجلوني، والدكتور انيس خصاونة، والدكتور فواز عبد الحق، ومحافظ اربد رضوان العتوم، وعدد من الوزراء السابقين، والنواب، والأكاديميين، وعدد من المسؤولين في الجامعة ومديرية ثقافة اربد، وحشد من الطلبة.
ويتضمن برنامج المؤتمر الذي يستمر يومين، عقد 12 جلسة نقاشية، تتناول 50 ورقة علمية، حيث عقدت في اليوم الأول ست جلسات نقاشية، تناولت الأولى- والتي ترأسها الدكتور نظام بركات- موضوعات "الأوراق النقاشية الملكية: دراسة في تحديات الحياة السياسية للديمقراطية الأردنية" للمهندس سمير حباشنة، و"الأوراق النقاشية من وجهة نظر الأحزاب السياسية" للدكتور صالح ارشيدات، و"واقع الحياة السياسية بين الشباب في الجامعات" للدكتور محمد طالب عبيدات، و"سيادة القانون أساس هيبة الدولة وتقدمها: قراءة في الأوراق النقاشية الملكية" للدكتور محمد حسين المومني، و"الحكومات البرلمانية بين الواقع والطموح" للنائب عبد المنعم العودات.
وتناولت الجلسة الثانية- والتي ترأسها الدكتور وليد عبد الحي- موضوعات "دولة القانون والمؤسسات: قراءة في الأوراق النقاشية" للعين الدكتور غازي الطيب، و"مقومات المشاركة السياسية للوصول إلى المواطنة الفاعلة" للدكتور علي محارمة، و"دور المحكمة الدستورية في النظام السياسي الأردني" للدكتور خالد شنيكات، و"دور المؤسسات في تأصيل وتأهيل مفهوم المشاركة السياسية لدى الشباب الأردني: جامعة آل البيت نموذجا" للدكتور أنور الخالدي، كما ناقشت الجلسة الثالثة- والتي ترأسها الدكتور حميد البطاينة- موضوعات "مجلس النواب بين الأدوار التشريعية" للنائب صوان الشرفات، و"السياقات المحلية والدولية لإصدار الأوراق النقاشية الملكية" للدكتور جمال الشلبي، و"المشاركة السياسية والمواطنة الفاعلة: قراءة في الخطاب السامي والأوراق النقاشية" للدكتور بكر خازر المجالي، و"الحوار بين السلطة السياسية والفئات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب" للدكتور عبدالله الدعجة.
وناقشت الجلسة الرابعة- والتي ترأسها الدكتور جمال الشلبي- موضوعات "الحكومة البرلمانية في أوراق الملك" للدكتور محمد نايف العمايرة، و"مؤشرات التحول الديمقراطي في الأردن: قراءة في التطبيقات العملية للأوراق النقاشية" للدكتور غالب عربيات، و"الحكومات البرلمانية في الأوراق النقاشية للملك عبد الله الثاني" للدكتور خالد العدوان، و"الأحزاب الأردنية بين الواقع والرؤية الملكية" للدكتورة نرمين يوسف الغوانمة، فيما ناقشت الجلسة الخامسة- والتي تراسها الدكتور محمد أحمد المقداد- موضوعات "دور التعليم في المشاركة السياسية والمواطنة الفاعلة" للدكتور محمود المساد، و"الفساد الإداري داخل المؤسسات وطرق معالجته" لكل من الدكتور يحيى توفيق الكعابنة، ومها يوسف الطراونة، و"مجلس النواب الثامن عشر بين الواقع والطموح وفقا للأوراق النقاشية الملكية" للدكتور لؤي البواعنة والدكتور محمد العناقرة، و"دور الإعلام في ايصال الرؤية الملكية في تطوير الحياة السياسية "الأوراق النقاشية أنموذجا" للدكتور غازي السرحان.
وناقشت الجلسة السادسة –والتي تراسها الدكتور أحمد الجوارنة- موضوعات "التجربة الحزبية 1989-2019م في الأردن بين ضعف المشاركة ومتطلبات العمل السياسي" للدكتور عبدالهادي القعايدة، و"دور المناهج في ترسيخ قيم المواطنة الفاعلة والانتماء الوطني" للدكتورة أسمى العبادي، و"المشاركة الفاعلة للشباب الأردني في الحياة السياسية ودورهم في تحقيق الرؤى الملكية" لمعاذ أبو دلو، و"الفساد السياسي والإداري داخل السلطات وعلاجه" للدكتور ضامن العقلة.