أكدت امين عام المجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي على أهمية اخذ البعد السكاني في عملية التخطيط التنموي لتحقيق التوازن بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية الشاملة، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل دور الشباب في تحقيق التنمية المستدامة باعتبارهم محركات التغيير.
واكدت خلال المحاضرة التي ألقتها في كلية الاعلام بجامعة اليرموك حول "السياسات السكانية والبعد السكاني ودورها في تحقيق التنمية المستدامة"، على أهمية وسائل الاعلام في دعم ومساندة القضايا السكانية والتنموية، لما لها من دور فاعل وحيوي في رفع وعي المجتمع وكسب تأييد صناع القرار تجاه هذه القضايا، والذي سيعود بالفائدة على تحقيق التقدم والازدهار في مختلف القطاعات، وسينعكس ايجاباً على حياة المواطنين، مشددة على ضرورة توفير فرص التمويل للمشاريع الريادية للشباب للحد من البطالة، وتشجيع المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الصلة بين مخرجات التعليم واكتساب المهارات، وتزويد الشباب بمهارات الحياة التي يحتاجونها لصنع قرارات واعية تحترم التعددية وحقوق الانسان وتشجع على التسامح والسلام.
ولفتت إلى ضرورة توحيد الجهود الوطنية لتحسين الفرص المتاحة لتمكين المرأة في المجتمع بما يتواءم مع أهداف التنمية المستدامة، وذلك من أجل المساعدة في تحقيق المزيد من فرص التمكين لها وحمايتها من كل أشكال التمييز والعنف، ودعم تحسين بيئة السياسات الداعمة لعملها ومشاركتها الاقتصادية، وذلك من خلال تنفيذ الخطط والاستراتيجيات والسياسات الوطنية المتعلقة بها، كخطة تحفيز النمو الاقتصادي الأردني، ورؤية الأردن 2025، والاستراتيجية الوطنية المرأة.
وأضافت أن الأردن حقق خطوات مهمة في مجال إرساء ركائز أساسية تضمن المساواة بين الرجل والمرأة بما يكفل تحقيق مشاركة أكبر لها في النشاط الاقتصادي، ولكن هناك إشكالية في هذا المجال تتعلق بالتطبيق الفعلي لهذه التشريعات، مشيرة إلى أن الدستور الأردني وضع أساساً ومنطلقاً للنظرة إلى الأردنيين جميعاً باعتبارهم سواسية ولا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات، كما أن الميثاق الوطني أكد على تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين رجالاً ونساءً دون تمييز.
وأشارت عماوي إلى أن الأردن شهد ارتفاعاً كبيرا في معدل النمو السكاني خلال الفترة (2004-2015) حيث بلغ 5.3 % بعد أن كان 2.6% بين عامي(1994-2004)، مبينة أن ابرز اسباب هذا الارتفاع تعود إلى اتساع الفجوة بين معدلات المواليد والوفيات، والهجرة القسرية الداخلة للأردن، وموجات العمالة الوافدة من الدول العربية المجاورة ودول شرق آسيا.
وقالت إن الهجرات القسرية واللجوء تعتبر من أبرز التحديات التي تواجه القضايا السكانية وتحقيق التنمية المستدامة في الأردن، حيث أن عمليات اللجوء تشكل عبئاً تنموياً وضغطاً متزايداً على البنى التحتية والخدمات التعليمية، والصحية، والاجتماعية، والأمنية المختلفة، مشيرة إلى أن غير الأردنيين يشكلون ثلث السكان الموجودين في المملكة، حيث يزيد عددهم عن 3 ملايين نسمة من 57 جنسية مختلفة.
ولفتت إلى أن الاردن حقق إنجازات مهمة على صعيد التنمية البشرية من خلال الاستثمار في البنية التحتية والموارد البشرية، لكن وبالرغم من ذلك الا ان الأردن يواجه عدة تحديات، ابرزها ضعف الاستقرار السياسي في المنطقة العربية، وقدرته على استمرار توفير التمويل من أجل التنمية والذي يستدعي ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص والجهات المانحة، مؤكدة على أن الاردن ورغم التحديات التي يواجهها حالياً إلا أنه ملتزم بحماية إنجازات التنمية لضمان الوصول إلى اقتصاد قوي مزدهر يشمل الجميع، وبالتركيز على إعادة توزيع مكتسبات التنمية حسب المحافظات، وتمويل البرامج السكانية وتشجيع القطاع الخاص على المساهمة الفاعلة فيها.
وأشارت عماوي إلى ضرورة تعزيز البرامج الكفيلة بحل بعض القضايا السكانية في المجتمع، كزواج من هم دون سن 18 عام، والاستهداف الأفضل للفئات الأكثر هشاشة والشمولية، والعدالة في تقديم الخدمات، وتعزيز الخدمات الصحية، وبرامج الصحة الإنجابية وبالأخص للمراهقات والشباب بهدف ضمان تمتع الجميع بأنماط حياة صحية سليمة.
وبينت أن أبرز الإنجازات الوطنية فيما يتعلق بتمكين الشباب تمثلت في إعداد الاستراتيجية الوطنية للشباب (2019-2025)، واصدار الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية (2016-2025)، وانشاء المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية 2017، إلى جانب اعداد المعايير الوطنية للصحة الإنجابية الصديقة للشباب.
وأشارت عماوي إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الشباب في الأردن تتمثل في استمرار نمو اعداد الشباب بمعدلات تفوق معدلات النمو الاقتصادي، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع فرصة الحصول على فرص عمل في المستقبل، بالإضافة إلى تدني نسبة الالتحاق بالتعليم المهني بسبب التقاليد الاجتماعية والنظرة السلبية للمهن، وقيود التمويل، وتحديات التنسيق بين قطاع موردي التعليم والتدريب المهني، وارتفاع معدلات البطالة، وضعف اقبال الشباب على المشاريع الريادية والتشغيل الذاتي، إلى جانب التحديات المتعلقة بالسلوكيات الاجتماعية المتغيرة والثقافية المحيطة.
بدوره أكد عميد كلية الاعلام بالجامعة الدكتور علي نجادات أهمية نشر الوعي بين طلبة الجامعات حول القضايا والتحديات السكانية والتنموية التي يواجهها المجتمع، وذلك باعتبارهم مستقبل الأردن، وأحد اهم ركائزه الأساسية، مشيرا إلى حرص كلية الاعلام بالجامعة على تزويد طلبتها بالمعارف والمعلومات حول مختلف القضايا المجتمعية، والذي يساهم في تعزيز وتنويع ثقافتهم الفكرية والمعرفية لمساعدتهم على القيام بدورهم الإعلامي مستقبلاً بكفاءة واقتدار، لاسيما وأن الكلية تعتبر الرافد الرئيسي للسوق المحلي بالكفاءات العلمية المؤهلة من خريجيها المزودين بالمهارات الصحفية والاعلامية المتميزة.
وفي نهاية المحاضرة التي استمع اليها رئيسة قسم الصحافة الدكتورة ناهدة مخادمة، ورئيس قسم الاذاعة والتلفزيون محمد محروم، وعدد من اعضاء الهيئة التدريسية وطلبة الكلية، اجابت عماوي عن أسئلة واستفسارات الحضور حول الخطط المستقبلية للمجلس الأعلى للسكان.