أكد نائب رئيس جامعة اليرموك للكليات الإنسانية والشؤون الإدارية الدكتور أنيس خصاونة أن الشعب الأردني شريك للدولة والحكومة في وضع وتشريع القوانين الضريبية، حيث أن 87% من تمويل موازنة الدولة يأتي من الضرائب المفروضة على المواطنين، أي أن الخدمات المقدمة لهم تدفع من جيوبهم، الأمر الذي يمنحهم الحق في المشاركة الفاعلة في سن القوانين الضريبة المفروضة عليهم.
وأوضح الخصاونة خلال رعايته لفعاليات ندوة "مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل لسنة 2018 بين مبررات التعديل ونجاحه في معالجتها"، والتي نظمتها كلية القانون بالجامعة، أن التباين في الانضباط في دفع الضرائب بين الدول ينبع من مدى شعور الفرد في عدالة فرض هذه الضريبة، وعدالة نتائجها على الوضع الاقتصادي للدولة في المستقبل بشكل عام، مشددا على أهمية عقد هذه الندوة بالتزامن مع مرور القانون بالمراحل الدستورية لإقراره نظرا لأبعاد هذا القانون الإنسانية، والاجتماعية، والمالية، والاقتصادية، والتشريعية على المواطن والدولة من جهة، ودور مثل هذه الندوات في إخراج الطلبة من الحيز الأكاديمي لملامسة الواقع والقضايا المحلية الراهنة ومشاركتهم في الحوار البناء من أجل المصلحة العامة ورفعة الوطن.
بدوره القى عميد كلية القانون الدكتور لافي درادكة كلمة في بداية الندوة أشار فيها إلى أن الكلية تحرص على عقد الندوات والأنشطة التي تحاكي القضايا المجتمعية ومناقشتها من جهة، والتأكيد على أن سيادة القانون واحترامه هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق العدالة، لافتا إلى أن قانون الضريبة الذي يمر الآن بالمراحل الدستورية لإقراره أنشأ معادلة ذات طرفين، الأول ممثل بالحكومة التي تسعى لوضع قانون ضريبي يستطيع تحقيق إيرادات مالية للحد من عجز الموازنة، وتامين مورد مالي يغطي نفقات المشاريع المدرجة في الخطط التنموية للدولة، والطرف الثاني للمعادلة يتمثل في الشرائح المكلفة لدفع الضريبة من الأفراد الذين يتطلعون إلى قانون ضريبي عادل لا يؤثر سلبا على مستوى معيشة الفرد أو على نجاح المؤسسات والشركات، وأن يكون محفزا لاستمرار الاستثمار الخارجي في الدولة.
وتضمن برنامج الندوة عقد جلسة علمية أدارها الدكتور كريم كشاكش وشارك فيها كل من الدكتور عبد الرؤوف الكساسبة من كلية القانون في جامعة مؤتة، والمستشار الضريبي الدكتور زياد بشابشة، والدكتور ابراهيم الشوابكة من كلية القانون في جامعة اليرموك.
وتحدث الكساسبة خلال الندوة عن الآثار السلبية لمشروع ضريبة الدخل على الإيرادات العامة للدولة، وقال إن المادة 71 من القانون تمثل عنواناً صارخاً للفساد، بحيث تعفي هذه المادة المتهرب الضريبي من أية مبالغ قد تترتب عليه في حال لم يقدم إقرارا ضريبيا قبل نفاذ القانون، في حين أنها تعفي الملتزم من الغرامات المترتبة عليه فقط، لافتا إلى أن هذا القانون سيرهق القطاعات المستهدفة لدفع ضريبة الدخل، ففي القطاع الصناعي سيسبب القانون تراجعا في الاستهلاك نتيجة لارتفاع الأسعار، وبالتالي سيقل العائد الضريبي لخزينة الدولة من هذا القطاع، على المستوى المحلي والدولي على حد سواء، فمن غير المنطقي فرض نسبة ضريبية للسلع المصدرة للخارج والتي ما زالت بحاجة للتسويق وتفتقر لثقة المستهلك الخارجي فيها، مشيرا إلى ان النسب الضريبية المفروضة في القانون الجديد تشكل إجحافا بحق مختلف القطاعات وتعد طاردة للاستثمار، وسيقلل من ايرادات الدولة الضريبية على المدى البعيد.
بدوره قام البشابشة بمراجعة قانونية لمشروع قانون ضريبة الدخل المعدل في ضوء الأسباب الموجبة للمشروع، لافتا إلى وجود إزدواجية في النسب الضريبية المفروضة على بعض الشرائح، ومنح صلاحيات للمدقق الضريبي تفوق صلاحيات المدير العام، بل ومنحه حق الغاء اية قرارات قد يتخذها المدير في مجال التدقيق والتقدير، وأعطى للمدقق صلاحية إصدار قرار التدقيق بخصوص الاعفاءات الضريبية خلال سنة من تاريخ صدور مذكرة التدقيق لكنه لم يبين المدة التي يجب أن يصدر فيها المدقق هذه المذكرة، لافتا إلى وجود بعض العبارات التجميلية في نصوص القانون، ولم يوضح النتيجة الجرمية في تعريف التهرب الضريبي، مشددا على ضرورة إعادة تحديد الأنشطة الزراعية في القانون.
كما ناقش الشوابكة خلال الندوة قانون ضريبة الدخل الأردني من الشخصية إلى العينية ومدى عدالته، لافتا إلى وجود الكثير من الانتقادات حول قانون الضريبة المعدل، وهو مشروع غير شعبي، وعلى المشرع أن يجد ثغرات القانون ومعالجتها قبل إقراره، موضحا أن الضرائب لم تعد مصدرا لمويل خزينة الدولة، ولكنها أضحت وسيلة لتنفيذ سياسات الحكومة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وقال إن الوصول إلى قانون ضريبي مقبول ومستساغ يتطلب توخي العدالة الضريبية العمومية والشخصية على الشرائح الملكفة، والتركيز على أن العدالة الضريبية جزء لا يتجزأ من أركان الضريبة وليس هدفا لها، مشيرا إلى أن النسب الضريبية المفروضة على ذوي الدخول العالية مجحف ويدفعهم للتهرب الضريبي او الخروج وسحب اموالهم من الدولة، وأن القانون سيتسبب في تراجع إيرادات الدولة من التعليم والاستشفاء، وأن بعض مواد قانون الضريبة لعام 1985 منصفة وعادلة أكثر من القانون الجديد وخاصة فيما يتعلق بالاعفاءات العائلية والشخصية، لافتا إلى ان القانون الجديد يسجل تراجعا في ضريبة الدخل من الشخصية إلى العينية.
وفي نهاية الندوة التي حضرها عدد من العمداء واعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة والطلبة، دار حوار موسع ناقش عددا من جوانب قانون الضريبة المعدل واثره على المواطن والدولة على حد سواء.