رعى رئيس مجلس مفوضي الهيئة المستقلة للانتخاب المهندس موسى المعايطة افتتاح فعاليات ندوة "الشباب الأردني والتنمية المجتمعية المستدامة" التي نظمها مركز الملكة رانيا للدراسات الأردنية وخدمة المجتمع ومركز دراسات التنمية المستدامة، بحضور رئيس الجامعة الدكتور إسلام مسّاد، وبمشاركة وزير الثقافة الأسبق صبري اربيحات، ووزير العمل الأسبق ورئيس المجلس الأعلى للشباب الأسبق الدكتور عاطف عضيبات، وأمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية الدكتور علي الخوالدة.
وقال المعايطة في كلمته إن الهيئة المستقلة للانتخاب تعمل ضمن الحملة الوطنية لتعزيز المشاركة الشعبية في الحياة السياسية والتي نستهدف من خلالها كافة فئات المجتمع عموماً والشباب والمرأة على وجه التحديد.
وأكد حرص الهيئة على ضرورة استهداف الشباب أولاً ترجمة للتوجيهات الملكية السامية، والعمل على توعيتهم سياسيا وادماجهم في الحياة السياسية، وتحفيزهم للانخراط في العمل السياسي الفاعل من خلال تعظيم فكر العمل الجماعي المنظم والهادف لدى الشباب بدلاً من العمل الفردي.
وشدد المعايطة على أهمية دور المؤسسات التعليمية بشكل عام والجامعات بشكل خاص في نشر التوعية وتعزيز ثقة الشباب بالجدية في الاصلاح والتحديث من خلال تطبيق نظام العمل الحزبي في الجامعات والمتوقع اطلاقه في أقرب وقت ممكن، وتعزيز المفاهيم الاساسية والعمل السياسي والديمقراطي وأهمها سيادة القانون وقبول الآخر ومهارات الاتصال والتواصل، الأمر الذي دعا الهيئة إلى عقد مجموعة من الفعاليات بالتعاون مع المؤسسات التعليمية على مستوى المدارس والجامعات من خلال برنامج (أنا أشارك جامعات) و(أنا اشارك مدارس) تهدف إلى نشر الوعي بين الشباب الأردني معرفياً ووجدانياً ومهارياً واستثمار طاقاتهم وتوجيههم بالاتجاه السليم.
وشكر المعايطة جامعة اليرموك على هذه المبادرة في تطوير قوانين انتخابات اتحاد الطلبة فيها وتشجيع طلبتها على الانخراط في العمل الحزبي والسياسي والتي يجب تعميمها على مختلف الجامعات الأردنية، سيما وأن العمل السياسي الأساسي في مستقبل الأردن القريب سيكون ابتداء من اتحادات الطلبة في الجامعات.
بدوره رحب رئيس الجامعة الدكتور إسلام مساد في كلمته التي ألقاها خلال افتتاح فعاليات الندوة بالمشاركين في رحاب جامعة اليرموك التي ظلت على الدوام منارة إشعاع علمي وحضاري، ومركزا للتنوير وصقل المعرفة، وقال إن افتتاح هذه الفعالية العلمية يأتي تحت شعار "الشباب الأردني والتنمية المجتمعية المستدامة"، وبمشاركة متخصصون بالشأن الشبابي من القطاعين العام والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، والمراكز البحثية والجامعات، مما يؤكد على الدور المميز والتشاركي الذي تضطلع به اليرموك في مد يد الشراكة والتعاون مع المؤسسات الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني.
وأكد مسّاد أن قضايا الشباب الأردني تعد أولوية وطنية حاضرة على أعلى المستويات في الدولة الأردنية، فما انفكت توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني إلى الحكومة تؤكد أهمية إيلاء الشباب الأردني الرعاية والاهتمام الذي يستحقونه، وسبل تمكينهم في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مشيرا إلى ان الجامعات وطلبتها من الشباب الأردني حظيت برعاية ملكية سامية فكانت توجيهات جلالته مؤخرا إلى الحكومة وقطاع التعليم العالي بشكل خاص داعية إلى تنظيم العمل السياسي والحزبي داخل الجامعات من خلال استصدار نظام خاص لهذه الغاية.
وقال إن جامعة اليرموك، استلهمت التوجيهات الملكية السامية والتقطت الرسائل الملكية العالية، فاطلقت "صيف الشباب 2022" وهو موسم شبابي يحوي عددا غير مسبوق من الفعاليات والنشاطات النوعية التي تلبي احتياجات الطالب بأسلوب حداثي تفاعلي يذكي في طلبة الجامعة وأسرتها ومحيطها من المجتمع الأردني قيم العمل التشاركي والمسؤولية المجتمعية والتفكير الناقد الخلاق نحو غد أفضل بإذن الله.
ومن جانبه ألقى مدير مركز التنمية المستدامة، ومركز الملكة رانيا للدراسات الأردنية وخدمة المجتمع الدكتور عبدالباسط عثامنة كلمة أشار من خلالها إلى ان التنمية المجتمعة المستدامة تشمل كافة مناحي الحياة، وتفرض على السكان الاقتصاد في انضاب موارده غير المتجددة، لافتا إلى أنه كما لمتطلبات الحياة الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن أهمية كبرى في الحفاظ على حياة الإنسان بأفضل مستوى ممكن؛ فإن لتلك التنمية ابعادا نوعيه تتجاوز ذلك كله نحو التمكين بكل ابعاده الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وفيما يخص الشباب الأردني، قال العثامنة إن إصراره القوي وعزيمته التي لا تلين تمكنه من تجاوز مختلف الصعاب، في ظل وجود بيئة محفزة، ومبادرات تمكين حقيقية، وجسور راسخة للعبور إلى الغد المشرق.
وخلال فعاليات الندوة، قال اربيحات إنه ومنذ بداية التاريخ فإن علاقة الإنسان بالأرض تحدد نسيج وشكل المجتمع وثقافته، متسائلا: هل مجتمعنا الحالي وبيئتنا أفضل مما كانت عليه في السابق؟، وهل العلاقات داخل المجتمع صحية ومرضية؟، وهل نضطلع بدورنا مع ما يدور حولنا من أحداث في المنطقة بشكل صحيح ؟.
وتابع اربيحات: هل التغيير الذي يحدث في مجتمعنا متوافق مع كل ما يدور من تغيير وتطور في العالم، أم اننا نعيش حالة تأخر ثقافي ومجتمعي، مؤكدا على ضرورة أن يكون التغيير المنشود ديناميكيا قادر على جعل الناس أكثر قدرة على الاستجابة للمتغيرات والمثيرات من حولهم.
وعن دور الجامعات في خدمة المجتمع، أشار اربيحات إلى مدى تفاعل الجامعات مع ما يدور من حولها في المجتمعات، وتساءل فيما إذا كان التعليم يكبل الفرد كي لا يتفاعل مع مجتمعه، مشددا على ضرورة وجود الإرادة الحرة لدى لشباب وأن يكون الإنسان الواعي لدوره، لافتا إلى المدخلات التي يحتاجها المجتمع لرسم السياسات المناسبة حول الشباب وأهمها إدراك الحاجات النمائية لديهم، وحجم الطاقة والوقت لديهم، ومدى توفر نوافذ وبرامج للإدارة والاستثمار، وذلك للاستفادة من هذه الطاقة في تطوير المجتمعات.
وأعرب العضيبات خلال حديثه عن فخره واعتزازه بالشباب الأردني وقدراتهم الفنية والمهارية والإدارية، لافتا إلى أن الشباب الأردني قاد حملات نوعية للتطوير والتحديث في مختلف المجالات في عدد من الدول الشقيقة، إلا أنه وعلى الصعيد المحلي لم يقم الشباب بالدور المتوقع منهم في إحداث التغيير وتحقيق التنمية المجتمعية المستدامة، موضحا أن التنمية المستدامة تشمل العديد من الجوانب، وعلى المستوى الاقتصادي لم يقم الشباب بدورهم في التنمية الاقتصادية ف ثلث الشباب الأردني وربما النصف عاطل عن العمل، ويمكن القول أنهم غائبين سياسيا، لاسيما بعد ما شهدناه من عزوف مشاركتهم في الانتخابات النيابية الأخيرة، داعيا الجهات المعنية لدراسة الأسباب الحقيقية وراء هذا العزوف عن المشاركة وإيجاد الحلول المناسبة من أجل تشجيعهم على الانخراط في العمل الحربي والسياسي.
وقال ان مشاركة الشباب في العملية السياسية والحزبية هي السبيل الوحيد من أجل إحداث التغيير والاصلاح وتحقيق التنمية المستدامة، لاسيما مع وجود الارادة السياسية العليا من قائد البلاد، والتشريعات الايجابية التي ترسخ أهمية دور الشباب وانخراطهم في العمل الحزبي، لافتا إلى أنه ورغم اية معيقات من الممكن أن تقف أمام مشاركة الشباب في العمل السياسي، على الشباب أن يدركوا بأن لهم الكلمة الفصل في إحداث التغيير الذي لن يتم إلا بإرادة الشعب والشباب.
من جانبه شكر الخوالدة جامعة اليرموك على عقد هذه الندوة التي تبحث في موضوع شبابي هام وهو المشاركة السياسية والتي تعني المشاركة في صناعة القرار وإدارته، ومن هنا تأتي أهمية مشاركة الشعب والشباب في الحياة السياسية والحزبية، مشددا على أهمية دور الجامعات في البحث في الأسباب الحقيقية لعدم توجه الشباب نحو مراكز الاقتراع، وتكثيف البرامج التوعوية للتعريف بالأحزاب والحياة والمشاركة الحزبية والسياسية وأهمية انخراط الشباب فيها.
وأضاف ان الشباب اليوم أمام فرصة تاريخية لتمكينهم من الانخراط في العمل السياسي والحزبي، فالتشريعات الجديدة جاءت لإزالة المعوقات التي تقف أما مشاركة الشباب في الحياة الحزبية والسياسية، مع التأكيد على المسؤولية الملقاة على عاتق الأحزاب في طرح برامج حزبية تنموية قابلة للتطبيق والقياس وتلبي طموحات الشباب الأردني، مشددا على ان تمكين الشباب اليوم على كافة المستويات لم يعد على عاتق الحكومة فحسب وإنما هناك مسؤولية كبرى على الشباب أنفسهم والجامعات ومؤسسات التعليم والمجتمع المحلي ككل في تكاتف الجهود وتعزيز الارادة في إحداث التغيير الايجابي والاصلاح السياسي بما يلبي طموحاتهم ويحقق مصلحة الأردن العليا.
وكان نائب رئيس مجلس النواب الأسبق الدكتور حميد بطاينة قد أدار الندوة، وقال إنه ومنذ تأسيس الدولة الأردنية جاء التأكيد على ضرورة تدريب الكوادر البشرية لتكون مسؤولة عن بناء الدولة ومؤسساتها، وأهمية تفعيل الشراكة الحقيقية بين مختلف الجهات من حكومة ومؤسسات وطنية وقطاع خاص ومؤسسات المجتمع المدني مع التركيز على إشراك الشباب في عملية بناء الدولة وتنميتها.
واكد البطاينة على أهمية البحث العلمي في معالجة مختلف القضايا والتحديات المجتمعية، داعيا إلى إنشاء هيئة عليا للبحث العلمي مرتبطة مباشرة برئيس الوزراء لها مخصصات مالية مباشرة من خزينة الدولة وذلك لإيجاد حلول ناجعة للتحديات والقضايا التي تؤرق المجتمع عن طريق البحث العلمي.
وفي نهاية الندوة التي حضرها النائب محمد شطناوي، وعدد من العمداء وأعضاء الهيئة التدريسية وطلبة الجامعة، وعدد من المسؤولين في الجامعة والمجتمع المحلي، دار حوار موسع اجاب من خلاله المتحدثين حول أسئلة واستفسارات الحضور.