رعى رئيس مجلس النواب السابق المحامي عبد المنعم العودات، المؤتمر الوطني الثالث، "الأوراق النقاشية الملكية بين الدراسة والتنفيذ: خريطة طريق لمستقبل الدولة الأردنية"، الذي ينظمه كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية في جامعة اليرموك، والمنتدى الثقافي / إربد، بالتعاون مع المكتب التنفيذي لاحتفالية إربد عاصمة للثقافة العربية لعام 2022، على مدار يومين بمبنى المؤتمرات والندوات.
وقال العودات أن الأردن تمكن من تحويل المبادئ والمحاور الواردة في الأوراق النقاشية الملكية إلى واقع عملي من خلال إجراء تعديلات دستورية رسخت مبدأ سيادة القانون وتكامل السلطات، ومهدت الطريق لإعادة النظر في التشريعات الناظمة للحياة السياسية، والمتمثلة بإقرار قانوني الأحزاب والانتخاب، إلى جانب الإجراءات التي تؤسس لبناء بيئة سياسية حاضنة لحياة حزبية فاعلة ومؤثرة، تفتح السبيل أمام تمكين المرأة والشباب للمشاركة في الحياة العامة والمساهمة في إثراء نموذج ديمقراطي أردني.
وأضاف أن الأردن صمد في وجه التحديات الإقليمية والدولية، بفضل حكمة قيادته الهاشمية، وخبرة ودراية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين في إدارة التوازنات والأزمات، وتحليل الوقائع والتطورات، واستشراف المستقبل، وهو الذي وضع أمامنا خارطة الطريق من خلال الأوراق النقاشية، كي نتمكن من تعزيز وحدتنا الوطنية، وتثبيت قواعد قوة الدولة واستقرارها، وترسيخ دورها ومكانتها على المستويين الإقليمي والدولي، معربا عن أمله بأن يشكل هذا المؤتمر فرصة علمية لإعادة قراءة الأوراق النقاشية من منظور جديد.
وأشار العودات إلى أنه وفي ضوء التقدم الذي أحرزه بلدنا الغالي على مدى السنوات القليلة الماضية بعد نشر الأوراق النقاشية السبع وما تلاها من مؤتمرات وندوات ولقاءات خاضت نقاشات موضوعية في مضامين تلك الأوراق، التي شكلت منطلقا لنقاش وطني واسع النطاق حول الأسس التي ينبغي أن نبني عليها نظامنا الديمقراطي ليس بالاعتماد على القوانين وحسب، وإنما من خلال منهجية قابلة للتطور تحكم وتفعل العلاقة بين المواطنين والسلطتين التشريعية والتنفيذية، وتجسد مفهوم المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار.
وقال رئيس المؤتمر – رئيس الجامعة الدكتور إسلام مساد، إن جامعة اليرموك وهي تنظم هذا المؤتمر بمشاركة كوكبة من الباحثين والمفكرين والأكاديميين في حدث هام من تاريخ المملكة، جاء لإكمال ما تم إنجازه من مؤتمرات سابقة والبناء عليها، لتواكب "اليرموك" بذلك كل ما هو مستجد من أفكار ورؤى تتعلق بالأوراق النقاشية الملكية، وما هذه الأوراق إلا خارطة طريق لشعبنا ولمؤسساتنا ولوطننا، بهدف تعزيز المشاركة السياسية وتأكيد مبدأ التحول الديمقراطي والمواطنة، وبناء التوافق وتعزيز الإصلاح.
وأضاف أنه ومنذ أن تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني لسلطاته الدستورية في العام 1999، فقد عمل جلالته على إرساء رؤية واضحة للإصلاح الشامل والتطوير ودعم الديمقراطية في الدولة الأردنية، مؤكدا على ذلك من خلال سلسلة من الأوراق النقاشية التي تتناول مواضيع التطوير والإصلاح وتحفيز الحوار الوطني والتحول الديمقراطي، سعيا لبناء أسس المشاركة الشعبية في صنع القرار، وتعزيز المجتمع المدني ودوره في مراقبة الأداء السياسي وتطويره نحو الأفضل، عبر ترسيخ ثقافة الديمقراطية في المجتمع، فالأوراق النقاشية تحظى باهتمام متزايد من النخب وأهل الخبرة من أجل إبرازها وبلورة أبعادها وترجمتها على أرض الواقع وتعظيم الإفادة منها، لتصبح خارطة للطريق نحو مستقبل زاهي لدولتنا الأردنية.
وأكد مسّاد أن الأوراق النقاشية السبع جاءت لتكون نبراسا يحمل في طياته خارطة طريق لأفكار ورؤى شاملة لعملية التطوير والبناء والإصلاح السياسي، والأدوار المنتظرة من كل جهة ومن كل القطاعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، بالإضافة إلى وقوف جلالته على أبرز التحديات الاقتصادية والحياة الحزبية والسياسية، ودور مجلس النواب والأعيان والشباب والمرأة، للنهوض بأدوارهم وبناء الدولة المدينة المعززة لقيم الولاء والانتماء والروح الوطنية، وبناء الحاضر والمستقبل، وصون حقوق الجميع وغيرها الكثير من طروحات جلالته، لتأتي اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بمخرجاتها لتعود إلى الأوراق النقاشية الملكية كخارطة طريق وبوصلة لمستقبل الدولة الأردنية بما تزخر به من مضامين عالية وقيمة وفاعلة.
ولفت إلى أن تنظيم جامعة اليرموك لهذا المؤتمر في رحابها، ليأتي تأكيدا لدورها الهام الذي قامت وتقوم به في تطوير مختلف أنواع العلوم والمعارف، فقد كانت على الدوام حاضرة وممثلة لمختلف الفعاليات والأحداث المتعلقة بتاريخ الدولة الأردنية، مبينا أن هذا المؤتمر يعد باكورة الأنشطة والفعاليات الهامة والنوعية لصيف الشباب 2022"، حيث يعد هذا المؤتمر النشاط الأول والأبرز في هذا الصيف اليرموكي الذي تطلقه جامعة اليرموك، وهو صيف جامعي يقدم للطالب بأسلوب حداثي معاصر وغير تقليدي، ينفذ بطابع تفاعلي يقوده الطالب ويوجه دفة القيادة في أنشطته وبرامجه، التي تتنوع بين المعارف والعلوم والترفيه والمواهب والريادة والابداع، نواته الحوار البناء.
وأكد الوزير الأسبق الدكتور حازم قشوع في كلمته التي القاها باسم المشاركين بالمؤتمر، أن المجتمعات تتشكل من جغرافيا ورسالة، فأما الجغرافيا فهي محددة لغايات أمنية، وأما الرسالة فإنها مبنية بقيم معرفية يحملها المجتمع عبر قيادته وتتبناها المؤسسات الدستورية التي تقوم على صياغة نماذج من واقع الشرعية لتنقلها السياسات العامة.
وأضاف لقد حرصت القيادة الهاشمية في كل حقبة على تقديم رؤية لتنفيذ مشروع كان يتم استشرافه طلبا لمحاكاة آفاق المستقبل، كما ويتم تقديم نظريته من على استراتيجية عمل تنموية تشمل القضايا الإنمائية والتنموية، وتأخذ بالظروف الموضوعية المحيطة كعامل أساس، مستندة على المقومات الذاتية المتاحة لبيان النتيجة، وهو ما ولد دائما سياسات بنائية يمكن ترتيب أولوياتها حسب مقتضيات المرحلة، وهو ما جعل الأردن يشكل من كل منعطف خاضه منطلق يضيف إليه ولا يضاف عليه.
وتابع: في وسط هذه الأجواء الطاردة في المنطقة، كان الجميع يبحث عن بوصلة للنجاة، حينها ظهر جلالة الملك عبدالله الثاني، ليقدم رؤيته لمشروع الدولة الحديث، حينما قدم أوراقه النقاشية، مآذنا بفتح أدوات الحوار وتفعيل مناخات العمل الديموقراطي التعددي، بما يوسع من مقدار المشاركة، ويعزز رابط العقد المجتمعي الرابط بين شرعية القرار ومشروعية القبول، عندما أطلق العنان لنقاش بناء ليرسم عبره استراتيجية عمل لمشروع الدولة الحديث، مشددا على أن الأوراق النقاشية لجلالة الملك وضعت أرضية للتفاعل وميزان للمشاركة، كما وأنها وضعت رؤية يمكن استثمارها لبناء مجتمع متقدم.
وأشار قشوع إلى أن هذا المؤتمر الذي تعقده جامعة اليرموك، العريقة بدورها ورسالتها، لن يفوته تناول موضوع التعلم المعرفي الذي أصبح واجبا وملزما في ظل تسارع الأحداث وتغيير إيقاع التعليم، مبينا أن الدعوة لإيجاد استراتيجية عمل للتعلم المعرفي باتت ضرورة لاسيما بعدما قامت الدولة بإيجاد استراتيجيات عمل للإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي، فان التعليم لا يقل أهمية عن هذه المسارات، بل يزيد عليها مع تسارع الأحداث التي يشهدها العالم ومناخات احتكار العلوم المعرفية التي برزت في مناخات جائحة كورونا عندما أخذت ما تكون مرتبطة بالدول المتقدمة دون غيرها .
وقال رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر- شاغل كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية الدكتور محمد عناقرة، إن تنظيم هذا المؤتمر لهذا العام يأتي وكلنا أمل بعد انتهاء جلساته وحواراته أن نصل لنتائج وتوصيات تجعل من أردننا بلدا رائدا في فهم الديمقراطية وتطبيقها ونموذجا حيا في الإصلاح السياسي والتنمية الشاملة، حيث سيناقش المشاركون على مدار يومين العديد من الأوراق البحثية، التي تصل إلى 54 ورقة علمية نقاشية، متنوعة ومترابطة تتناول ما جاء في الأوراق النقاشية محاولة رسم التوصيات المناسبة وصولا لأردن ديمقراطي.
وأضاف لقد تجلت حكمة جلالة الملك بـ أن عاين الواقع بعين البصر والبصيرة، فرأى أن يشارك شعبه رؤيته ورأيه، فكانت هذه الأوراق النقاشية وصفا للواقع واستشرافا للمستقبل الذي يرنو جلالته إليه ويطمح أن يرتقي بوطنه إليه، إنها دستور ديموقراطي ينظم الحياة السياسية يبدؤوه الملك بمحاورة شعبه ومصارحتهم بالتحديات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليمية.
وتابع: وإقرارا منا بأهمية الأوراق النقاشية الملكية كخارطة طريق لبناء أردن قوي بعزيمة قيادته وهمة أبنائه الأوفياء الأكفاء المحافظين على الحقوق والواجبات الملتزمين، بمبدأ سيادة القانون ركيزة لكل مؤسسات الدولة وحقوق أبنائها وبنائها بناء صحيحا.
وأكد عناقرة على أننا نلتقي اليوم لنسهم جميعنا في تطوير الأردن سياسيا وديمقراطيا، مبينا أن هذا ما كان ليكون لولا الجهود العظيمة التي يبذلها جلالة الملك، فقد جاءت هذه الأوراق النقاشية الملكية السبع التي بدأ جلالته بإطلاقها منذ عام 2012م، مشتملة على جملة من المضامين التي شكلت خارطة طريق يهتدي بها الشعب أفرادا ومؤسسات وتسترشد بها الحكومات المتعاقبة في كافة فعالياتها، كما شكلت مرتكزا يؤسس لمرحلة جديدة من التنمية والإصلاح، وفق أسس ومعايير موضوعية مدروسة وقيمت في الوقت نفسه مسيرة التطور من حيث حجم الإنجازات المتحققة وتحديد مواطن الخلل والتحديات التي تعترض المسيرة الأردنية وسبل التغلب عليها.
وسيتناول المؤتمر في جلساته العديد من المحاور والأوراق العلمية التي تتصل بمضمون الأوراق النقاشية السبع لجلالة الملك، كالعلاقة العضوية ما بين الأوراق النقاشية الملكية ومخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وآليات تطبيق الأوراق النقاشية على أرض الواقع، والمرأة في الأوراق النقاشية الملكية وتوصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، والأحزاب السياسية وتجذير الرؤية الوطنية لحياتنا السياسية، وغيرها من المحاور.
يذكر أن عقد فعاليات هذا المؤتمر يأتي ضمن فعاليات صيف الشباب 2022 الذي تنظمه الجامعة ويتضمن العديد من الأنشطة والفعاليات اللامنهجية الهادفة ضمن إطار عصري مواكِب ومُنسجم ومُتناغم مع ما ينشدُه الطلبة في مجال الأنشطة اللامنهجية، وبما يسهم في تشجيعهم على الاسهام بشكل فاعل في الحياة الجامعية، وإثراءها بالفعاليات الهادفة التي تفضي إلى إدماج الجسم الطلابي مع الحياة العامة والعمل الاجتماعي والتطوّعي وتحفيز الطالب ليكونَ عنصراً فاعلاً في جامعته ومحيطه وبالتالي وطنه.