رعى رئيس جامعة اليرموك الدكتور إسلام مسّاد افتتاح فعاليات ندوة "ذكرى الإسراء والمعراج: عهد يتجدد" والتي نظمتها كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الجامعة بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج الشريفين.
وقال مسّاد إن حادثة الإسراء والمعراج تمثل صورة من صور الإيمان بقدرة الله عز وجل، ونبوة نبيه العربي الهاشمي بوصفها واقعة ثابتة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كما أنها تمثل الذكرى العطرة التي تعتبر منارة في تاريخ الرسالة الإسلامية العظيمة، بما تنطوي عليه من العبر السامية والمعاني العالية.
وأضاف أن حادثة الإسراء والمعراج جاءت بمثابة تعويض رباني لرسولنا الكريم عما واجهه من صعوبات ومشاق أثناء رحلة الدعوة، حيث كانت ليلة الإسراء والمعراج ليلة خالصة من الاعجاز الإلهي وهي رحلة ارتقاء بين الأرض والسماء رأى فيها رسولنا الكريم من آيات ربه الكبرى، وتمثلت له فيها قيم الدين الحنيف: خلقا رفيعا، وسلوكا نزيها، وتساميا عظيما في سبيل تحقيق معاني الكمال الإنساني.
ولفت مسّاد إلى أن هذه المعجزة الكونية تعطينا الدروس والعبر في الصبر والتحمل وتخطي الصعاب، وتحمل القيم التي نأمل أن يستلهمها أبناؤنا الطلبة في تحصيلهم الدراسي، وسلوكهم الجامعي، وتفاعلهم مع أبناء مجتمعهم.
وأكد أنه يتوجب علينا الإشادة بمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني المشرفة تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، وثباته الدائم في الدفاع عنها في كافة المحافل الدولية، بوصفه صاحب الوصاية الشرعية على هذه المقدسات، حيث حمل الهاشميون أمانة تلك الوصاية على الدوام بكل اخلاص ووفاء.
بدوره قال عميد الكلية الدكتور آدم القضاة إن ذكرى الإسراء والمعراج هي الذكرى التي ما فتئت مؤسساتنا الدينية والرسمية والشعبية في أردننا أن تحتفل بها عاما بعد عام لنجدد بذلك العهد مع صاحب الذكرى عليه الصلاة والسلام، بأننا ما زلنا على ما تركتنا عليه، نؤمن برسالتك ونصدق بدينك، ونرقب وعدك، ونحمل رسالتك، ونتبع سنتك.
وتابع أننا نجدد العهد مع أرض الذكرى تلك الأرض التي بارك الله فيها حولها فجعل منها أولى القبلتين، وشقيقة الحرمين، وبوابة الأرض إلى السماء، مجمعا للأنبياء وامتحانا لأهل الايمان والوفاء، فضية الأقصى وفلسطين هي العهد الذي بيننا وبين سلف من أبناء هذه الأمة، مؤكدا انه لن يضيع حق آمن أهله به، ولن تضيع قضية ارتبطت بإيمان أمة تصلي لله في اليوم واللية خمس مرات منذ ليلة الإسراء والمعراج.
من جانبه قال عميد كلية الفقه الشافعي في جامعة العلوم الإسلامية الدكتور أمجد رشيد إن حادثة الإسراء والمعراج تحيي في نفوس المسلمين ركيزة الانتماء لهذا الدين، والانتماء لسيرة النبي عليه السلام، وللقدس الشريف، لافتا إلى أن الإسراء والمعجزات تصنف كمعجزة من المعجزات التي خصها الله تعالى بنبينا محمد عليه السلام، حيث أن ثبوت حادثة الإسراء وهي خروج النبي عليه السلام من مكة بروحه وجسده إلى المسجد الأقصى مثبتة ومسطرة بسورة قرآنية وهي سورة "الإسراء".
أما فيما يخص "المعراج" قال رشيد إن بعض ممن يسمون أنفسهم بالمفكرين أنكروا حدوثها وذلك لاعتقادهم قديما باستحالة حدوث الاختراق والالتئام للسماوات التي تعتبر كالأجرام الصلبة يستحيل خرقها، لافتا إلى أن علماء الكونية والفلكية اليوم يعبرون عن هذا الانكار بمنطق آخر حيث أنه بمنطقهم فإن العقل لا يستوعب حدوث "المعراج"، منبهاً أن هذه القضية تعتبر قضية ممنهجة عند هؤلاء العلماء المعاصرين الساعين إلى إفساد الكثير من عقول المسلمين ولإفساد المنظومة الإسلامية كاملة.
وأوضح أن الأحكام العقلية مقسمة إلى الاحكام الواجب حدوثها، والمستحيل حدوثها، وإلى الجائزة أو الممكنة، فإنه لإثبات قضية ما يجب على الشخص أن يعرضها على خانات الذهن الثلاث (الوجوب، المستحيل، الجائز)، لافتا إلى أن الاستحالة العقلية لا يجتمع فيها مصطلح الدور، ولا مصطلح اجتماع النقيضين، ولا تحصيل الحاصل، حيث أنه لا يجتمع تعارض العقل مع العقيدة.
بدوره قال الدكتور يحيى شطناوي من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة اليرموك، لقد كانت حادثة الاسراء والمعراج تكريما عظيما لنبينا الكريم، جاء في أحلك الأيام وأكثرها محنة وقسوة، ولم يكن له عليه السلام يد في صنع هذا الحدث، ولا قدرة على احداثه، متسائلا الشطناوي عن الجدال والمماراة في ذلك.
وتابع: ان هذا التكريم الذي لم يبلغه أحد من البشر، فقد وصف الله سبحانه نبيه بالعبودية، فقال "بعبده" وفي هذا تأكيد على أن مقام العبودية لله وحده، لكي لا يذهب الناس بعيدا، فينسوا في غمرة هذا التكريم صفة عبودية الرسول عليه السلام لله تعالى، وحينها يلتبس مقام العبودية بمقام الألوهية، كما التبسا في عقائد كثيرة من الناس.
وأضاف الشطناوي أن مناسبة الاسراء والمعراج، تعلمنا الدروس بإن الاسلام رغم ربطه الأسباب بالمسببات، إلا أنه لا ينبغي أن ننسى ونسقط من حسابنا الغيب وقدرة الله سبحانه وتعالى، مبينا أن المؤمن يعد ما استطاع من قوة ثم يثق بتأييد الله ونصره، مضيفا أن الأمل موجود والتفاؤل مطلوب، وعلى الأمة ان تحذر من المثبطين للعزائم، ممن يصطادون في الماء العكر، ومن الذين يشتمون بما حل بالمسلمين.
ولفت إلى أن هذه المناسبة العظيمة هي تذكير بالمسجد الأقصى، والصلة الوثيقة بينه وبين المسجد الحرام، لأنها صلة عقيدة ومير، وتهم كل مسلم غيور، وليست مقتصرة على فئة بعينها.
وأشار الشطناوي إلى أن الخطر الذي يهدد المسجد الأقصى هو خطر يهدد المسجد الحرام، وبالتالي فالمحافظة على المسجدين ينبغي ان تكون بنفس الدرجة، مؤكدا أهمية الوصاية الهاشمية في الحفاظ على هذا المسجد المبارك، كما وأنها تحول دون العبث بحرمته أو جعله موقعا أثريا كأي بناء أثري يزوره السياح.
وفي نهاية الندوة التي حضرها نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية الدكتور موفق العموش، وعدد من أعضاء هيئة تدريس الكلية وحشد من طلبتها، ألقى الدكتور سعيد البواعنة من كلية الشريعة قصيدة شعرية بهذه المناسبة.