رعى وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور وجيه عويس افتتاح فعاليات ورشة "مستقبل التعليم الطبي في الأردن" التي نظمتها كلية الطب في جامعة اليرموك، بحضور وزير الصحة الدكتور فراس الهواري، ورئيس الجامعة الدكتور إسلام مساد.
وقال عويس خلال كلمته الافتتاحية إن التعليم العالي في الأردن يمر حاليا بتحديات عديدة، أبرزها ضرورة التركيز على المخرجات التعليمية وتهيئتها لمتطلبات السوق وإيجاد مصادر تمويلية لهذا القطاع، إضافة إلى التنافس على التعليم الأكاديمي والبعد عن التعليم التقني الفني الأمر الذي يعد مشكلة كبيرة في ظل زيادة أعداد طلبة الثانوية العامة في الأردن.
وأضاف أنه كان لارتفاع المعدلات في السنوات الأخيرة، أثره الواضح في زيادة أعداد المقبولين في المسارات المختلفة خاصة في التخصصات الطبية، موضحا أن زيادة هذه الأعداد يرتبط ارتباطا مباشرا بالأداء الاكاديمي وضبط مخرجاته.
وأكد عويس على أهمية تشكيل حلقات ولجان لغايات التشاور مع الشركاء في المؤسسات الوطنية الجامعية كافة، لغايات وضع الأطر العامة والأسس المختلفة، وتثبيت القناعات بالحاجة إلى التغيير والتطوير في كافة المجالات وذلك للوصول إلى إصلاح متوازن في قطاع التعليم العالي في ظل إطار من العدالة والإنصاف وتكافؤ الفرص.
وأشار إلى أن التعليم الطبي في الأردن كان وما يزال متميزا بمخرجاته، إلا أنه يعاني وبوضوح من ظاهرة تكاد تميزه عن غيره وهي ما يسمى بالتهافت الطلابي والمجتمعي على دراسة الطب، لافتا إلى أن الخطر يتمثل في الحفاظ على المخرجات المتعلقة بمهنة تعتبر من أسمى المهن وتتعلق بحياة الإنسان.
ولفت عويس إلى أن عدد الطلبة في كليات الطب داخل الأردن يبلغ حوالي 19 الف طالب ويماثلهم نفس العدد في كليات الطب الخارجية، ومن هنا نقرع جرس الانذار بخصوص كيفية العمل على تنظيم سياسات القبول الطلبة في المستقبل القريب والحفاظ على مستوى الخريجين من خلال تعليم مبني على رغبة الطالب وقدرته الأكاديمية.
وقال عويس ان اجتماعنا اليوم يشكل تطبيقاً فعليا لاليات العمل الحقيقية الذي تتبناه المؤسسات المختلفة كجامعة اليرموك، والذي يمثل تشاركية حقيقية مع كافة القطاعات، مثمنا جهود القائمين على هذه الورشة في قراءة واقع الحال للتعليم الطبي واستشراف المستقبل في هذا المجال، داعيا إلى الخروج بتوصيات تؤدي الى خطوات وعمل واقعي في السير قدماً في اصلاح احد الافرع المهمه في التعليم العالي الا وهو التعليم الطبي.
بدوره رحب مسّاد في كلمته بالحضور والمشاركين في رحاب جامعة اليرموك التي خرجت الكفاءات والرجالات والعلماء جيلا تلو جيل، لافتا إلى أن هذه الورشة تجمع أصحاب القرار من السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة الصحة، والسلطة التشريعية ممثلة باللجان الصحية والتربية والتعليم في مجلس النواب والأعيان، والجهات الرقابية كهيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، فضلا عن رؤساء الجامعات الأردنية التي تضم كليات للطب.
وأضاف أن هذه الورشة فرصة لنمضي سويا نحو أهدافنا ولأجل قضايا مؤسساتنا الوطنية، ليبقى الأردن عزيزا ونموذجا نفاخر به كما أراده جلالة الملك عبدالله الثاني على الدوام، سيما وهو يدخل في مئويته الثانية بعزيمة واقتدار.
وأشار مسّاد إلى أن "مستقبل التعليم الطبي في الأردن" يحتاج منا جامعات ومؤسسات طبية ومؤسسات تعليم عال ومنظومة صحية متكاملة، الكثير من الوقفات والتأمل والتدبر والحوار الفاعل للوصول إلى توصيات تقود الى قرارات ونتاجات مؤثرة؛ لإزالة التحديات وتصويب العثرات واستدامة العطاء ورفع الأداء، في مجال التعليم الطبي الذي يعتبر من أهم الموضوعات، وعلى سلم الأولويات كونه يمثل أحد أكثر المفاصل تأثيرا في مشهد الرعاية الصحية والسياسات التعلمية.
وأكد على أن أهمية هذه الورشة المتخصصة تنبع من أهمية الرعاية الصحية وأساسها التعليم الطبي في كليات الطب في جامعاتنا الرسمية، ومن ملف حافل يحتاج إلى المتابعة والتفكر الجاد والعميق نحو أبرز قطاعين في المملكة وهما: قطاع الرعاية الصحية، وقطاع التعليم اللذان يواجهان تحديات كبيرة في مجال تحسين جودة تقديم الخدمات، والكثير من القضايا المتعلقة به كتطوير الأداء الطبي التعليمي للأطباء المقبلين على العمل الميداني لاحقا، والتعليم الطبي المستمر وبرامج التدريب التي تشكل العمود الفقري لتطوير الموارد البشرية وتنميتها في هذا المجال.
وتابع: كما تكمن أهمية الورشة كذلك من استشرافها لمستقبل هذا النوع من التعليم ووضع اليد على مكامن المرحلة القادمة وأبعادها، بكل ما تزخر به من تحديات توجب علينا جميعا الكثير من المحاورة، والمزيد من التشخيص والتنظيم والتطوير المتواصل والتحديث، في المجال الطبي ومتعلقاته، لتطوير واقع هذا التعليم والارتقاء به.
ولفت مسّاد إلى إن من أهم تحدياتنا في الأردن، وجود كليات طب دون مستشفيات، أو أن تجد المستشفيات دون كليات طبية صحية تمثل مرجعيات في التعليم الطبي المستمر، وسياسات القبول وأعداد المقبولين في كليات الطب التي تمثل تحد بارز في هذا الصدد، كذلك التعليم الطبي الذي لا يزال يقدم بطرق تقليدية لا تواكب عالميا، ومستوى التزام أعضاء الهيئات التدريسية، إضافة إلى موضوع أخلاقيات الممارسة الطبية في التعليم الطبي وتحدياتها وشجونها، ومفاهيم الجودة وادخالها في هذا الملف الشائك، والحاجة إلى المزيد من التنسيق ما بين كليات الطب بين كافة الجامعات الأردنية والمنظومة الصحية، والالتفات الى مستوى كفاية المرضى لتدريب الطلبة في المستشفيات.
وشدد على ووجوب المحافظة على التواصل مع مراكز الأبحاث الطبية في الدول المتقدمة لتدعيم وجودنا وكياناتنا في البحث الطبي ووضعنا على الخارطة العالمية، وكذلك تحد آخر يكمن في القدرة على تهيئة كفاءات على مستوى عال من التميز، في ظل ما يسود من سياسات القبول الحالية.
ودعا مسّاد إلى أن تنتج هذه الورشة نتاجات طيبة تسهم في تغيير الكثير من القضايا لصالح تطوير هذا الملف، مشددا على أنه يتوجب علينا ألا نغمض الطرف عن الحاجة إلى تغيير جذري يطال العديد من المفاصل السابقة ويضئ على كافة المعطيات القاصرة في هذا الموضوع، وذلك للوصول إلى نتاجات ثابتة، فنحن نريد أن نبني على المنجز وأن نردم الفجوات لنصل في النهاية إلى تعليم طبي يلبي احتياجاتنا ويرفع قدر مؤسساتنا واسم وطننا الأردن عاليا في ضوء الرؤى الملكية بضرورة رفع مستوى القطاع الصحي، ووضع آلية مؤسسية لمراقبة أدائه وضمان الالتزام بالمعايير المهنية للارتقاء به.
من جانبه، أكد عميد كلية الطب الدكتور خلدون البشايرة أنه وخلال العقود القليلة الماضية أدت التغيرات السريعة في توجهات التعليم الطبي إلى تغيير كبير في مناهج كليات الطب في العالم، حيث تغير التعليم الطبي تغيرا كبيرا وأصبحت المنافسة على أوجها، إذ إن التعليم الطبي الكلاسيكي لم يعد جزءا من المستقبل وسط التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، كما لم يعد ممكنا إبقاء بعض المواضيع الطبية على الهامش، كعلم الأخلاقيات ونظام المساءلة الطبية وأساسيات البحث العلمي مع الحفاظ على استمرارية التعليم الطبي.
وأضاف أنه وبالنظر خصوصا إلى ما مر به العالم خلال فترة جائحة كورونا نرى أن القطاع الطبي قد تأثر بشكل فريد بالوباء، فلم نشهد فقط أهمية وجود نظام رعاية صحية قوي، ولكن الوباء أوجد حاجة ماسة لتحويل جوانب مختلفة من التعليم الطبي لتعكس المشهد الطبي المتغير.
وأشار البشايرة إلى أن الأردن قد تميز بتصدير الكفاءات المميزة في الطب للدول الأخرى و لكن هذا قد يتغير في المستقبل فتلك الدول تطلب الآن مستوى معين بجودة عالية سنحتاج أن ننافس فيها دولا عديدة، وقال: إنه إذا كنا قد حققنا إنجازات طبية رفيعة خلال السنوات القليلة الماضية فعلينا أن ندرك أن هذه الإنجازات لا يمكن استمرارها دون ضخها بقدرات جديدة تستطيع الخوض بمستويات طبية كبيرة وسط منافسة تحتدم كل يوم.
وأكد على الحاجة الدائمة إلى المراجعة الدورية التشاركية بين كليات الطب والجامعات الأردنية والمؤسسات الوطنية الأخرى، والمتابعة المستمرة لواقع وتطور التعليم الطبي في الأردن بهدف التحسين والنهوض بالمستقبل الطبي وخدمات الرعاية الصحية.
كما وعقد على هامش الافتتاح محاضرة بعنوان" واقع وتحديات التعليم الطبي في الأردن" قدمها الدكتور نضال يونس، عرض خلالها تاريخ التعليم الطبي، ونشأته في الأردن، وواقعه في كليات الطب في الجامعات الأردنية، والتحديات التي تواجهه، وكيفية مواجهتها وتخطيها، كما و ألقى الدكتور اسماعيل مطالقة محاضرة بعنوان "مستقبل التعليم الطبي" تحدث خلالها عن أهم المستجدات والتحولات والاتجاهات المعاصرة في مجال التعليم الطبي، وكيفية المحافظة على تنافسيتنا في تخريج طلاب الطب في المملكة الأردنية الهاشمية، وضرورة اللحاق بالركب ومواكبة المستجدات في مجال الاستراتيجيات والممارسات المثلى في التعليم الطبي.
وحضر الافتتاح رئيس مجلس أمناء الجامعة الهاشمية الدكتور ياسين الحسبان، ورئيس مجلس أمناء جامعة اليرموك الدكتور خالد العمري، ورئيس مجلس أمناء جامعة مؤتة الدكتور يوسف القسوس، ورئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات، ورئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية الدكتور خالد السالم، ورئيس الجامعة الهاشمية الدكتور فواز عبدالحق، ورئيس جامعة مؤتة الدكتور عرفات عوجان، و رئيس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها الدكتور ظافر الصرايرة ، و نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية الدكتور موفق العموش، وعدد من عمداء الكليات في الجامعة وعمداء كليات الطب في الجامعات الأردنية وممثلين عن الخدمات الطبية الملكية، وأعضاء الهيئة التدريسية والمهتمين من الجامعات الأردنية والقطاع الصحي الأردني العام والخاص.
إعــداد الكفــاءات العلميــة فــي مختلــف حقــول العلــم والمعرفــة مــن خـلال تقديــم تعليــم متميــز، وإنتــاج بحـث علمـي إبداعـي يخـدم المجتمـع ويسـهم فـي بناء اقتصـاد المعرفـة مـن خـلال إيجـاد بيئـة جامعيـة محفـزة للإبداع، ومــن خــلال حريــة الفكــر والتعبيــر والاستجابة لمتطلبــات المجتمــع والتطــور العلمــي.