أُفتتح في جامعة اليرموك المعرض الدولي حول حفظ الإرث الثقافي "عوالم الثقافة"، والذي تنظمه السفارة الألمانية في عمان بالتعاون مع كلية الاثار والانثروبولوجيا في الجامعة، بحضور السفيرة الألمانية بيرغيتا سيفكر-إيبرله، ورئيس جامعة اليرموك الدكتور زيدان كفافي، ويستمر المعرض حتى السابع والعشرين من آب المقبل، حيث يتضمن المعرض 15 مشروعا بارزًا ضمن البرنامج الألماني للحفاظ على التراث الثقافي في جميع أنحاء العالم، ومن اهمها ترميم متحف في الهواء الطلق في موقع معبد الشمس لمصر الجديدة في مصر، وإنشاء أرشيف صوتي في أفغانستان، بالإضافة إلى عرض لبرامج التوعية الثقافية في مدينة أم قيس الأثرية، والتي تعد من أهم المعالم الثقافية في الأردن.
وقالت السفيرة سيفكر-إيبرله إن التراث الثقافي هو تعبير عن رؤية المجتمع وتاريخه وهويته، وإن كل ثقافة هي عالم بحد ذاته، موضحة أن إقامة هذا المعرض في جامعة اليرموك يأتي ضمن جهود البرنامج الألماني للحفاظ على التراث الثقافي في الحفاظ على العوالم الثقافية وتطويرها، ونظرا للدور الهام الذي تضطلع به جامعة اليرموك ممثلة بكلية الأثار والانثروبولوجيا في هذا المجال، وخاصة بعد ما حققه مؤتمر ألكسندر فون همبولت – التراث الثقافي: بين العلوم الإنسانية والعلوم الأساسية" من نجاح، والذي نظمته الجامعة بالتعاون مع الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي ومكتب اليونسكو بعمان، وشارك فيه خبراء من جميع أنحاء العالم.
وقال كفافي في كلمته إن إقامة هذا المعرض في رحاب اليرموك يؤكد عمق العلاقات الثقافية بين ألمانيا والأردن، ولاسيما العلاقة بين علماء الآثار بين البلدين والتي أسفرت عن تنفيذ العديد من المشاريع المشتركة في هذا المجال، مشيرا إلى أن معرض "عوالم الثقافة" يعد واحداً من أهم مشاريع حفظ التراث الثقافي الذي يمنحنا التوجيه والدعم باعتباره جزء من هويتنا وذكرياتنا، لافتا إلى أن تدمير التراث الثقافي أكثر بكثير من الخسارة المادية فهو يستهدف قلب الحضارة وكرامة الإنسان، وهذا يجعل جهودنا لحماية التراث الثقافي على المستويين الوطني والدولي أكثر أهمية.
وأوضح أن انتقال هذا المعرض من بلد إلى آخر، يسمح للزائرين في البلدان المضيفة بالتعرف على تراث وحضارة البلدان الأخرى، من خلال توفير مساحة لتبادل الأفكار والمهارات، وإظهار الاحترام والاهتمام لتقاليد تلك البلدان، الأمر الذي يؤدي بالنهاية للحصول على صورة أفضل لماضينا المشترك، ويلهمنا للعمل من أجل مستقبل أفضل، للوصول إلى أعمال إبداعية تخدم الإنسانية، معربا عن شكره للسفارة الألمانية والقائمين على البرنامج الالماني للحفاظ على التراث حول العالم، ومختلف الجهات الألمانية المانحة التي دعمت عددا من المشاريع العلمية التي نفذتها جامعة اليرموك في مجال صون التراث الحضاري.
وأشار عميد كلية الآثار والأنثروبولوجيا الدكتور هاني هياجنة في كلمته إلى وجود العديد من المخاطر التي تهدد التراث الثقافي وتؤدي إلى تدمير جزء منه، وتؤثر سلبا على أسس الهوية الثقافية للمناطق المتضررة، كالكوارث الطبيعية والمناخية، والاتجار والتنقيب غير المشروع بالآثار، والنزاعات المسلحة، والأعمال الإرهابية، إضافة إلى الافتقار إلى التدابير الوقائية وعدم كفاية إدارة الأزمات في المناطق التراثية والأثرية المتضررة، لافتا إلى أن الأمثلة المعروضة في بهو معرض "عوالم الثقافة" توضح أن علم الآثار ليس له علاقة فقط بالآثار القديمة، وإنما يوجه مختلف المؤسسات حول العالم للعمل معا من أجل الحفاظ على الذاكرة الثقافية للإنسانية.
واستعرض الأنشطة التي يتم تنفيذها في الأردن ضمن إطار البرنامج الألماني للحفاظ على التراث الثقافي كترميم وصيانة المباني التاريخية، والمساعدة في صيانة مواقع التراث العالمي، وجمع وتوثيق التاريخ الشفوي في مجال الموسيقى والأدب، وحفظ ورقمنة مجموعات المخطوطات التاريخية، وإعداد أرشيف الأفلام والصوتيات الخاص بالتراث الثقافي، وتوثيق التراث الثقافي المهددة بالانقراض (الأفلام والمنشورات)، والتدريب الإضافي للعاملين في ترميم المواقع التراثية والحضارية وأمناء الأرشيف وخبراء المتاحف، بالإضافة إلى تنظيم معارض وندوات حول التراث الثقافي.
وضمن فعاليات افتتاح المعرض استعرضت خبيرة الاثار والتراث في المعهد الألماني للآثار الدكتورة كلاوديا بيوهرغ، مراحل مشروع تعزيز الوعي الثقافي لدى الأطفال من خلال تعليم المعلمين ونقل المعرفة من أجل عامة الشعب، والذي يأتي ضمن فعاليات البرنامج الألماني للحفاظ على التراث الثقافي في مدينة أم قيس الأثرية، ويتم تنفيذه بالتعاون مع جامعة اليرموك من أجل تعزيز التعليم المستدام حول الثقافة والطبيعة، وحفظ المعرفة المتوفرة حول المباني والتقنيات والحياة اليومية في مدينة أم قيس الأثرية ونقلها إلى الأجيال المقبلة، وترسيخ الوعي لدى الأطفال والشباب وسكان المنطقة المحليين، بالثقافة الإقليمية والإرث الطبيعي الخاص بهم.
وأشارت إلى أن برنامج "تعليم المعلمين" المنفذ في مدينة أم قيس الأثري يستهدف في المقام الأول المعلمين والعاملين في مجال صيانة الآثار، والطلبة، والشخصيات العامة من المجتمع المحلي واللاجئين السوريين في الأردن، بما يسهم في إدماجهم في المجتمع المحلي، لافتة إلى ان الفعاليات المختلفة التي تم تنفيذها ضمن المشروع أعادت قرية أم قيس القديمة إلى الحياة وأحيت ذكراها عبر الصور الفوتوغرافية ومجموعة المقتنيات التاريخية والحكايات من القرية القديمة التي كان يتم قصها في حلقات مصغرة، بالإضافة للتعريف بالمأكولات الشعبية الخاصة بالمنطقة، مبينة أن التعامل السليم والمستدام مع مدينة جدارا والقطع الأثرية الموجودة فيها لا يتطلب فقط تقديم محترف لنتائج الأبحاث والممارسات المتعلقة بصيانة الآثار، وإنما زيادة الوعي لدى السكان المحليين لفهم متعمق بشكل عام لضرورة حماية المقتنيات الثقافية، وزيادة اهتمام الأطفال بشكل خاص بهذه المواضيع ليقوموا بدورهم في نقل المعلومات حول التاريخ المحلي وعلم الآثار والمسائل البيئية المتعلقة بالمنطقة.
وحضر افتتاح المعرض الملحق الثقافي في السفارة الالمانية توبياس كاريس، و مديرة مكتب الوكالة الألمانية لخدمات التبادل الأكاديمي في عمان DAAD غابريلا فون فيركس، وعدد من العمداء، وأعضاء الهيئة التدريسية، وعدد من المسؤولين في الجامعة والسفارة الألمانية في عمان، وحشد من الطلبة.